You are currently viewing الإثراء الوظيفي: أفضل أسلوب لتجهيز صف ثاني وخلق مواهب لا يستهان بها

الإثراء الوظيفي: أفضل أسلوب لتجهيز صف ثاني وخلق مواهب لا يستهان بها

إن تصميم الوظائف في الوقت الراهن خضع لتغيرات كبيرة قد يصعب مجاراتها، لكن إعادة النظر حول تصميم الوظائف والتحديث فيها لم يكن وليد اللحظة، وإنما دعا له هيرزبرج منذ زمن بعيد فهو أول من انتقد نظم تصميم الوظائف القائمة على مبادئ الإدارة العلمية، لذلك يشار إلى نظريته باسم الإثراء الوظيفي، حيث يشعر الموظفون بالتحفيز عندما تتوفر لديهم مجموعة من العوامل التي تحقق لهم إشباع ورضا وظيفي عالٍ.

نستعرض في هذا المقال مفهوم الإثراء الوظيفي ومزاياه والفرق بينه وبين المفاهيم الإدارية الأخرى الخاصة بتصميم الوظائف مع بعض الأمثلة التوضيحية لذلك.

ما هو الإثراء الوظيفي؟

إثراء الوظائف هو عملية إضافة محفزات للأدوار الموجودة من أجل زيادة الرضا والإنتاجية للموظف، وذلك من خلال إضافة أبعاد إلى الوظائف الحالية لإضفاء أهمية ومعنى لها فتصبح أكثر تحفيزاً لشاغليها.

مثل زيادة مهام إضافية متنوعة للوظيفة، وزيادة تنوع المهارات المطلوبة لأداء المهام، وإضافة معنى إلى الوظائف، وخلق الاستقلال في العمل، مع إعطاء التغذية الراجعة لتقييم وتحسين أداء الموظف.

ما الهدف من الإثراء الوظيفي؟

الهدف الرئيسي من إثراء الوظائف هو زيادة تحفيز الموظفين وخلق وظائف تُشعر شاغليها بالحماس والأهمية أثناء أدائهم لها.

خاصة عندما تكون طبيعة بعض الوظائف مملة وروتينية وليس بها نوع من التنوع والتجديد، وبالتالي يعتبر إضافة مسؤوليات جديدة تجعل من العمل أكثر فائدة ولها مدلولات معنوية قيمة لدى الموظف تزيد من حماسته للعمل.

ويعد إثراء الوظيفة جزءاً من تصميم الوظائف وإعادة تصميمها بشكل دوري، لذا فإن السبب الرئيسي في إثراء الوظائف هو إعادة تصميم الوظائف والتحفيز للموظفين.

ويستخدم هذا الأسلوب الإداري في وظائف المستويات العليا أي الموظفين ذوي المهارات العليا أو ما يعرفون بالوظائف ذات الياقات البيضاء، وهو أقل فعالية في الوظائف ذات الياقات الزرقاء أي العاملين، لأن تركيز العاملين فيها يكون منصباً نحو الأجور وقواعد العمل وتحقيق الأمان الوظيفي، والإثراء الوظيفي لا يعالج هذا النوع من المشكلات.

نظرية الإثراء الوظيفي

يا ترى من أين أتى مفهوم الإثراء الوظيفي؟

إن نظرية الإدارة العلمية التي ابتكرها فريدريك تايلور، والتي تعتمد على تقسيم المهام الكبيرة إلى مهام بسيطة يقوم بها العامل بشكل يومي تؤدي إلى تخصيص العمل وأداء المهام بكفاءة عالية استطاعت أن تزيد من إنتاجية العامل في شركات فورد للسيارات عام 1914م، بحيث استطاعت الشركة الاستحواذ على سوق السيارات في تلك الفترة، وحققت رقماً قياسي في إنتاج سيارة واحدة كل 93 دقيقة.

لكن ظهرت مشكلة في مصانع فورد بالرغم من زيادة الإنتاج، وهو شعور العاملين بالملل وكانت معنوياتهم منخفضة، مما دلل على أن قيام العمال بأنشطة متخصصة بكفاءة عالية ليست أفضل طريقة لتحفيزهم والاحتفاظ بهم.

مصنع فورد

في عام 1959 ، نشر فريدريك هيرزبرج نظريته “نظرية ذات العاملين للتحفيز“، اقترح هيرزبرج أن هناك نوعين من العوامل حيث يشعر الموظفون بالتحفيز عند توفرها وهي:

عوامل المحتوى الوظيفي

وهي العوامل التي تؤثر على رضا العاملين حيث يمكن أن ينخفض رضا العامل عند عدم توافرها، وتشمل هذه العوامل (التحدي، المسؤولية، الفخر بالعمل، التقدير، فرص النمو الشخصي، والترقيات).

العوامل الصحية للوظيفة

وهي العوامل التي تهتم بالظروف التي يعمل فيها العامل للحفاظ على رضاه، مثل (العلاقات الشخصية، أسلوب الإشراف، الأجور، الأمان الوظيفي، وظروف العمل).

وبالتالي هذه العوامل أضافت نوع من المعنى والأهمية والتحفيز للوظائف ولم تعد جامدة كما في نظرية الإدارة العلمية.

مزايا الإثراء الوظيفي

يمكن تقسيم مزايا الإثراء الوظيفي إلى ميزتين أساسيتين:

المزايا النفسية

تتمثل المزايا النفسية في شعور الموظف بالمعنى والمسؤولية عن نتائج العمل ومعرفة النتائج الفعلية للمهام المنجزة ومدى تأثيرها على العمل، كما يشعر الموظف بالاستقلالية في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمهام.

المزايا التي تعود على العمل

زيادة الدافع لأداء المهام وزيادة جودة العمل، وزيادة الرضا الوظيفي، وانخفاض الغياب ومعدل الدوران الوظيفي، وزيادة ولاء الموظفين للمنظمات التي يعملون فيها.

قد يثير البعض أن الإثراء الوظيفي قد يسبب زيادة الضغوط في العمل بسبب الأعباء الوظيفية الملقاة على الموظف، لكن في الحقيقة هذه يحدث للموظفين الذين تنقصهم المهارات والمعارف اللازمة لأداء المهام الموكلة إليهم، فيشعرون بالإحباط نتيجة عدم قدرتهم على تحقيق بعض المهام.

طرق لتحقيق الإثراء الوظيفي

نستعرض هنا عدة طرق يمكن من خلال تحقيق الإثراء الوظيفي للموظفين بحيث تهدف جميعها إلى زيادة تنوع المهارات، وأهمية المهمة، وتوسيع الأدوار، وزيادة الاستقلالية.

التحميل الرأسي أو العمودي للمهام

يعتمد الإثراء الوظيفي بشكل كبير على التحميل العمودي للمهام بمعنى زيادة حجم المسؤوليات ودرجتها في الوظيفة بحيث يقوم الموظف بعدة مهام أعلى من مستوى درجته الوظيفية وبالتالي يتحمل مسؤولية أعلى، وهي تزيد من درجة الاستقلالية في أداء الوظيفة.

مثل عندما يمنح المختص بقسم الإعلان الاتفاق مع الوكالات الإعلامية لترويج المواد الإعلانية للشركة بدلاً من مدير التسويق والذي يعتبر مديره في العمل ويعلوه في المستوى الإداري في إدارة التسويق.

التحميل الأفقي للمهام

يشار إلى التحميل الأفقي أيضًا بتوسيع الوظيفة، توسيع الوظائف هو شكل من أشكال إثراء الوظائف، سنرى الفرق بينهما في الفقرة التالية.

فرق عمل المتقاطعة

وهي فرق عمل تتكون من وحدات أو أقسام إدارية مختلفة تربطهم مهمة واحدة، هذا يفرض حماس للموظفين وتحمل مسؤولية الأعمال المشتركة فيما بينهم ويسمح للموظفين برؤية نتيجة أعمالهم بما يساعد على الإحساس بالهوية وأهمية الأعمال المنجزة.

الجمع بين المهام

يمكن جمع المهام الخاصة بعملية واحدة وتكليف الموظف بالقيام بها من البداية حتى النهاية، فهذا يجعل نسبة أداء المهمة أسرع بدلاً من انتظار الآخرين لتمام مهامهم، ويجعل الموظف يشعر بالاستقلالية وقدرة أكبر على السيطرة.

مثل قيام موظف التنسيق للدورات التدريبية في الشركة بالتجهيز لدورة تدريبية كاملة منذ البداية حتى الانتهاء منها، أو قيام أحد المهندسين في إحدى الوحدات الإنتاجية بالاهتمام بخط إنتاجي لإحدى المنتجات منذ دخول المواد الخام للمصنع وحتى إنتاج المنتج النهائي.

دوائر الجودة

دوائر الجودة هي مجموعات من الموظفين يجتمعون بانتظام للنظر في طرق حل المشكلات وتحسين الإنتاجية في الشركة، هذه المجموعات تساعد على خلق روح المشاركة في العمل وتضفي معنى للموظف بقدرته على اقتراح وتنفيذ الحلول للمشكلات التي تواجهها الشركة كما تمنحه بعض الاستقلالية في التعبير عن آرائه وقدرته على مشاركتها مع الجميع.

برامج اقتراحات الموظفين

تشجع برامج اقتراحات الموظفين على تقديم اقتراحات لتحسين أداء العمل وجودته، وقد يحصل الموظفون على بعض المكافآت والجوائز عند تنفيذ بعض مقترحاتهم خاصة عند نجاحها في حل مشكلة أو تحقيق عائد.

التغذية الراجعة (feedback)

من الطرق البسيطة والسريعة التي تحدث إثراء لعمل الموظف هو التغذية الراجعة أي التعليقات التي يحصل عليها من مديره في العمل أو زملائه أو نموذج التقييم بزاوية 360 درجة.

الاستقلالية

إعطاء الاستقلالية في أداء المهام يعطي تحفيزاً وإثراءً للوظيفة، حيث يمكن أن يأخذ الموظف القرارات الخاصة بوظيفته وأداء العمل بالطريقة المناسبة له.

الهدف من أداء الوظيفية

إن تحديد الهدف الرئيسي من أداء الوظيفة بوضوح يعطي الموظف رؤية لأسباب وجوه في العمل، مما يزيد من أهمية المهمة التي يقوم بها يضفي لها معنى.

بناء علاقات مع العملاء

يعد بناء علاقات عمل مباشرة مع العملاء من طرق إثراء الوظائف، حيث يكون الموظف شبكة علاقات ويشعر بأهمية ما يقوم به من عمل ويكتسب عدة مهارات من خلال اتصاله بالعميل وعقد الاتفاقات معه، مع مراعاة وضع المعايير التي تحدد طريقة بناء هذه العلاقة.

الفرق بين الإثراء الوظيفي التوسع الوظيفي

الفرق بين الإثراء الوظيفي والتوسع الوظيفي

توسيع الوظائف هو الزيادة في عدد الواجبات الوظيفية من خلال توسيع نطاق الوظيفة وزيادة عدد المهام من نفس نوعية المستوى الوظيفي الذي تنتمي إليه الوظيفة، أي التوسع أفقياً.

ويركز توسيع الوظيفة على مجرد توسيع دور بإضافة مهام مختلفة، دون زيادة الاستقلال أو السيطرة أو حجم المسؤولية.

وهذا التوسع يمكّن الموظف من الحصول على نطاق أوسع من الأنشطة، وزيادة تنوع مهاراته ، وتحسين قدرته على العمل.

لكن المشكلة هو عند زيادة عبء العمل على الموظف حيث يصبح زيادة المهام لا تشكل ميزة لتحفيزه بعمل أشياء جديدة وإنما عبء يصعب عليه تحمله ولا يمكن إدارته.

وهنا يختفي الهدف المرجو من توسيع الوظيفة، ويعرف باسم الزحف الوظيفي، لذا يجب معرفة الحدود التي يتم فيها توسيع الوظائف.

وبمقارنة إثراء الوظائف بتوسيع الوظائف، نرى أن توسيع الوظائف هو طريقة محددة لإثراء الوظائف، من خلال إضافة المهام وزيادة عبء العمل، تمكن الموظف من الحصول على تجربة عمل أكثر إثراء وتحفيزًا.

معوقات الإثراء الوظيفي

قد يواجه الإثراء الوظيفي بعض المعوقات تجعل عملية تحققه صعبة، على سبيل المثال:

طبيعة نشاط بعض الوظائف الفنية

إن بعض الوظائف الفنية قد يكون من الصعوبة تحقيق الإثراء الوظيفي فيها، بسبب أن العمل يسير بنظام موحد وثابت لا يمكن تغييره إلا بتغيير نظام العمل، مثل العمل في المصانع، وحدات الإنتاج تكون مصممة بعمل ثابتاً ومحدد.

نظام الموارد البشرية

تحديد الوصف الوظيفي لوظائف المنظمة قد يجعل من الصعب زيادة بعض المهام أو التعديل فيها خاصة لو كانت محدد من قبل بعض الوظائف التي تحدد أنشطتها من النقابات العمالية أو المهنية.

نظام الرقابة

هناك بعض الوظائف التي تتطلب مزيد من الرقابة والدقة والمحاسبة المسؤولة على مهامها مثل إعداد الميزانيات وتقارير الإنتاج والممارسات المحاسبية والتي قد يصعب إثراء هذه الوظائف.

كما أن وظائف أخرى قد يسبب إثرائها إحداث نوع من الصراع الوظيفي والمنافسة الداخلية بين الموظفين والإدارات، مثل بناء علاقات مع العمل من قبل إدارة التسويق مما قد يثير قسم المبيعات المسؤول عن هذه المهمة.

النظام الإشرافي

قد يشكل نظام الإشراف أحد المعوقات في تحقيق الإثراء الوظيفي، فقد يمانع المدير المسيطر من تدخل الموظفين في المهام ذات المستوى الأعلى، وبالمقابل فإن منح الاستقلالية وبعض المسؤولية لبعض الموظفين يسبب مشكلة في عملية الإشراف وتحديد الأخطاء في العمل والمتسبب بها.

الدوافع الفردية

يختلف دوافع الموظفين عن بعضهم من حيث حبهم للعمل و التغيير وقبولهم للتحديات الجديدة، فبعض الموظفين سيرحب بالإثراء الوظيفي ويعتبره مكسب يمكنه من النمو، على عكس البعض الآخر فقد يعتبر الإثراء الوظيفي نوع من الضغوط في العمل بما يسبب عدم الرضا عنه.

الخلاصة

يعتبر الإثراء الوظيفي أحد الممارسات الإدارية التي تستخدمها المنظمة لتحفيز الموظفين وزيادة رضاهم عن العمل الذي يقومون به، له عدة مزايا نفسية تعود على الموظف ومزايا أخرى تعود للعمل.

بالمقابل هناك بعض المعوقات التي تقف أمام تحقيق الهدف من الإثراء الوظيفي والتي يجب التخلص منها قبل تنفيذه، وإلا لم يكن فقد هدفه الأساسي في تحفيز الموظفين وزيادة رضاهم وتحسين مستوى الأداء في العمل.

Sana Omar

محاضرة مستقلة في إدارة الأعمال ومدربة دولية معتمدة من مركز تنمية أعضاء هيئة التدريس جامعة القاهرة – جامعة ميزوري الأمريكية، ومقيمة معتمدة في تقييم الإبداع الكامن من المركز الدولي للتربية الإبتكارية ICIE – ألمانيا.