يفترض أن يتمتع كل شخص منا حسب تخصصه على خبرة في مجال عمله ويتعمق فيها بقدر الخبرة التي اكتسبها خلال سنين العمل، ولا شك أننا أيضا لدينا معرفة عامة عن بعض المجالات ذات العلاقة بمجال عملنا لكنها كما قلت معرفة عامة وقد تكون سطحية، حيث يندر استخدامها أو نحتاجها لدعم ومساندة لخبرتنا وللتعامل مع الإدارات الأخرى التي نتعاون معها أثناء العمل.
وعند تصور هذا العمق في الخبرة والمهارة والاتساع في مستوى المعرفة بصرياً يظهر لنا شكل الحرف (T)، ومنها جاءت مصطلح الشخص على شكل حرف (T).
وهو الشخص الذي يتمتع بمعرفة ومهارات عميقة في مجال واحد وقاعدة عريضة من المعارف العامة الداعمة لتخصصه.
مفهوم الشخص على شكل حرف (T-shaped person)، هو مصطلح يستخدم في التوظيف لوصف خبرات ومعارف المتقدمين للعمل، حيث يمثل الجزء الأفقي من حرف T المعرفة التي تعتمد إلى حد كبير على شهادات ومؤهلات المتقدم للعمل، بينما الجزء الرأسي من الحرف فيمثل مدى تعمق الشخص في مجال محدد بحيث يمتلك الخبرة والمهارات اللازمة لأداء العمل حيث يفترض أنه قد مر بعدة تجارب ومواقف تعزز هذا العمق من الإدراك.
يعتبر ديفيد جست (David Guest) هو أول من ذكر هذا المصطلح لأول مرة في عام 1991. واعتمدته شركة (IDEO) للاستشارات التصميمية في تقييم السيرة الذاتية كطريقة لبناء فرق عمل متعددة التخصصات للعمليات الإبداعية. كما يذكر أن شركة (McKinsey & Company) استخدمت هذا المصطلح في الثمانينيات لتوظيف وتطوير الموظفين والاستشاريين.
من ذلك نفهم أن الشركات تفضل الموظف T لديه خبرة عميقة ومعرفة واسعة.
عندنا نفكر قليلا في هذا المفهوم نجد أن المديرين يواجهون بعض الصعوبات في تحقيق هذه المعادلة.
ويمكن أن نصنف المديرين هنا إلى ثلاثة أنواع:
المحتويات
النوع الأول
مدير يمتلك معرفة واسعة جدا فهو تقريبا يعرف كل شيء ولديه شهادات علمية وأكاديمية كثيرة، ولكن خبرته العملية ليست كبيرة إن لم تكن معدومة.
ولذا قد نجده تنقصه الرؤية العميقة في العمليات التنفيذية، فقد يضع الخطوط العريضة والخطط الاستراتيجية لكنه يجهل كيفية التطبيق، وربما تجد أن موظفاً تحت إدارته أكثر خبرة عملية وأكثر عمقا ودراية بطرق تنفيذ الخطط وحل المشكلات التي يمكن أن تحصل أثناء التنفيذ.
قد يجد هذا المدير بعضاً من التردد في خوض التجارب أو المخاطر، لقلة خبرته من الناحية العملية، وسنرى اعتماده المستمر على مرؤوسيه ممن هم أكثر خبرة لتأكيد مدى جدوى قراراته وفرصة نجاحها، والذي قد يوحي لبعض الموظفين بأنه بضعف إدارته وأنه ليس جديراً بها.
النوع الثاني
مدير يمتلك خبرة عميقة في مجال محدد لكن معرفته ضيقة وغير مطلع بما له علاقة بتخصصه.
هذا المدير نظرته ضيقة لمجريات الأمور، فهو يحفر عميقا تحت قدميه ولا ينظر لأبعد من ذلك.
هذا المدير تنقصه النظرة الشمولية لرؤية الصورة كاملة ، قدرته على التخطيط طويل المدى ضعيفة وقدرته على ربط العلاقات بين الإدارات وأثرها وتأثيرها على بعضها أيضا ضعيفة، مما يضعف قدرته على اتخاذ القرارات. وقد نجد أن من مرؤوسيه من هم أكثر علما ومعرفة فيقع في مشاكل إدارية أخرى كمعارضته لبعض الآراء والتي قد تكون مبنية على علم ومعرفة وقد يمتد ذلك إلى مشاكل شخصية مثل الغيرة والتحسس بأن الموظفين يعرفون أكثر منه.
النوع الثالث
مدير لديه المعرفة ولديه عمق الخبرة.. وهذا هو المطلوب، وما تبحث المنظمات عنه.. وتجد أنه الشخص المناسب لشغل الوظائف خاصة في المستويات العليا والذي يمكن أن تعتمد عليه وعلى قراراته. هو مدير مطلع على كل جديد ويسعى لتطوير مهاراته باستمرار بما يواكب التغييرات، وفي الوقت نفسه متعمق الفهم في مجال واحد وخبير فيه.
في الأخير إن تفكيرنا بمفهوم ال T-shaped person يجعلنا نتفهم ضرورة تحقيق التوازن بين المعرفة والخبرة، حتى لا تغلب أحدهما على الأخرى، فنشعر بالضعف في محيطنا العملي.