الحوار الذاتي هو لقاء مع نفسك، للتحدث إليها ومعرفة طريقة تفكيرك ومعتقداتك وآراءك عن نفسك وعن سلوكك وتصرفاتك، وما تأثير ما تقوم به على حياتك.
كثير منا يحب أن يتحدث مع أصدقائه وأحبابه عن عدة أمور وأخبار، ويعرف منهم تفاصيل كثيرة عن حياتهم وحياة الغير وربما عن حياته هو أيضاً، لكن لا يتحدث مع نفسه.
يتجنب مواجهة نفسه بعيوبها ومصارحتها، وحتى يتجاهل قضاء بعض الوقت لتذكر ما يسر من ماضيه الجميل.
وأكثر ما يحتاج الإنسان هو الحديث مع النفس، قد يظن البعض أن ذلك نوع من الجنون ولكن ذلك عين الحكمة والصواب.
وليس الحديث مع النفس لمحاسبتها وتأنيبها وجلد الذات، وإنما للنقد البناء والتطوير والتحسين وتعديل عجلة دفة القيادة وتطبيب الجروح النفسية.
وأعجب من البعض أن حواره الذاتي مع نفسه يأتي لهدم ذاته لا لبنائها، وبل وقد يدعو على نفسه ويتمنى لها الشر من كثر ما تختلط عليه الموازين، كما في الآية يقول تعالى:
وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا (11) الإسراء
إن نفسك تحتاج أن تكون حنون عليها، قادراً على التحدث معها بوضوح وصراحة، فإن لم تكون مع نفسك كذلك فمع من ستكون.
كثير من يسألني وأنا مررت أيضاً بهذا السؤال، “من أنا ؟” ويقف حائر لتعريف نفسه، خاصة عندما يجد من حوله قد حددت لهم ألقاب نسبة لدراستهم أو أعمالهم، ويشعر أنه صفر على الشمال، خاصة مع جائحة كورونا وتسريح بعض العاملين من وظائفهم وجد بعضهم نفسه يحاول إعادة تعريفها وتحديد من هي ليشكل لها موقع جديد في الحياة.
اعلم أن سؤال ” من أنا ؟ ” هو سؤال دائم يتكرر مع طول الحياة… لن يتوقف إلا عند وفاتك سيقولون كان فلان، وسيتم تحديدك من أنت بأفعالك؟
كل ما تفعله كل يوم هو يضيف لتكوينك العلمي والعملي والنفسي، لتكون أنت.
أنت قطع تتجمع وتتكون إلى أن تكتمل، من خلال أعمالك وإنجازاتك.
إذا أحببت أن تكون لك رسالة ورؤية تستنير بها لحياتك وطريقة نظرتك لها، فليكن ولكن أعلم أنك لن تعيش بجملة أو شعار تضعه في الحياة إنما بمدى تحركك فيها.
من أنا؟ سؤال يندرج تحته عدة أسئلة يجب أن تحدد إجاباتها أولاً لتعرف من أنت وهي:
- أين أنا الآن؟
- أين تريد أن تكون؟
- لماذا تريد أن تكون هناك؟
- كيف ستكون ما تريد أن تكون ؟
بعد أن تجيب على هذه الأسئلة، يجب عليك السعي للوصول إلى أن تصل، ثم تعيد السؤال مرة أخرى لتحديد وجهة جديدة تضيف إلى كينونتك وتجمع أجزاء جيدة لتشكيلها.