You are currently viewing الفرق بين العبء العاطفي والأمان النفسي: كيف نبني بيئة داعمة؟

الفرق بين العبء العاطفي والأمان النفسي: كيف نبني بيئة داعمة؟

أصبحت المشاعر جزءًا لا يتجزأ من التجربة الإنسانية، سواء في بيئة العمل أو الحياة الشخصية. لكن طريقة تعاملنا مع مشاعرنا ومشاعر الآخرين تحدد ما إذا كنا نخلق بيئة تدعم الأمان النفسي أو تفرض عبئًا عاطفيًا يزيد من الضغط والتوتر.

فما الفرق بين الاثنين؟ وكيف يمكننا بناء بيئة تشجع على التعبير الصحي عن المشاعر بدلاً من قمعها؟

ما هو العبء العاطفي؟

العبء العاطفي (Emotional Labor) يحدث عندما يُطلب من الأفراد إخفاء مشاعرهم الحقيقية أو التظاهر بمشاعر معينة لتلبية توقعات اجتماعية أو مهنية.

في العمل، قد يُطلب من الموظفين الحفاظ على ابتسامة دائمة حتى في الأوقات الصعبة، بينما في الحياة الشخصية، قد يشعر البعض بأن عليهم قمع مشاعر الحزن أو الغضب حتى لا يزعجوا الآخرين.

تتضمن السلوكيات التي تؤدي إلى العبء العاطفي:

  • الحكم على المشاعر: “من الخطأ أن تشعر بهذه الطريقة.”
  • التجاهل: “سأتجاهل ما تشعر به.”
  • التبرير: “لا ينبغي أن نشعر بذلك.”
  • المعاناة: “أرفض الاعتراف بمشاعرك.”
  • الإيجابية القسرية: “يجب أن نشعر بمشاعر معينة فقط.”

عندما تُفرض هذه السلوكيات على الأفراد، فإنها تخلق بيئة مليئة بالتوتر النفسي، حيث يشعر الناس بالخوف من التعبير عن مشاعرهم الحقيقية، مما قد يؤدي إلى الإرهاق العاطفي وفقدان الدافع.

ما هو الأمان النفسي؟

الأمان النفسي (Psychological Safety) هو الشعور بأنك تستطيع التعبير عن مشاعرك وأفكارك دون خوف من الحكم أو الانتقاد أو التهميش.

في بيئة آمنة نفسيًا، يُشجع الأفراد على مشاركة مشاعرهم الحقيقية، مما يعزز من التواصل الفعّال، ويحسّن الأداء، ويقلل من الاحتراق الوظيفي والضغط النفسي.

تشمل السلوكيات التي تعزز الأمان النفسي:

  • التقبل: “يبدو أنك تشعر بـ…”
  • الفضول: “كيف يجعلك ذلك تشعر؟”
  • التعاطف: “يمكننا أن نمنح أنفسنا اللطف.”
  • الشجاعة: “أسمعك. لنستكشف الخطوة الشجاعة التالية.”
  • التعبير الصحي: “يمكننا التعبير عن جميع المشاعر بطريقة صحية.”

هذه السلوكيات تعزز الشعور بالانتماء والراحة النفسية، مما يساعد الأفراد على التعامل مع التحديات بثقة ومرونة.

كيف نبني بيئة تدعم الأمان النفسي؟

١.  الاستماع الفعّال

عندما يشارك شخص ما مشاعره، حاول الاستماع إليه دون مقاطعته أو الحكم عليه. استخدم عبارات مثل: “أفهم أنك تشعر بذلك، كيف يمكنني دعمك؟”

٢. تجنب الإيجابية القسرية

ليس من الواقعي أن يتوقع الناس أن يكونوا سعداء طوال الوقت. بدلاً من قول “لا تفكر بسلبية”، جرب قول “من الطبيعي أن تشعر بذلك، كيف يمكننا التعامل معه معًا؟”

٣. تعزيز ثقافة الفضول والتفاهم

اسأل الآخرين عن مشاعرهم وتفاعل معهم بفضول وتعاطف. هذا يخلق بيئة يشعر فيها الجميع بأنهم مسموعون ومقدرون.

٤. الاعتراف بالمشاعر دون التقليل منها

بدلاً من التبرير أو التقليل من مشاعر الآخرين، حاول تأكيدها والتعامل معها بوعي. إذا قال شخص ما إنه يشعر بالتوتر، بدلاً من قول “لا تقلق”، قل “يبدو أن لديك الكثير من الضغوط، كيف يمكنني المساعدة؟”

٥. التعبير عن المشاعر بطريقة صحية

شجع الآخرين على التعبير عن مشاعرهم بطريقة صحية، سواء من خلال الحديث، الكتابة، أو حتى التأمل والأنشطة الإبداعية.

الخلاصة

بناء بيئة تدعم الأمان النفسي لا يعني فقط تجنب العبء العاطفي، بل يعني خلق مساحة يستطيع فيها الجميع أن يكونوا على طبيعتهم دون خوف أو ضغوط.

عندما نشجع على التعبير الصحي عن المشاعر ونتعامل معها بوعي وتعاطف، فإننا لا نحسن من رفاهيتنا الشخصية فحسب، بل نخلق أيضًا بيئة عمل وعلاقات اجتماعية أكثر توازنًا وصحة وإنتاجية.

د. سناء عمر عبد الجبار

دكتوراه في إدارة الموارد البشرية، محاضرة ومدربة دولية معتمدة، خبرة أكثر من 15 عامًا في مجال التعلم والتطوير شغوفه بتطوير المواهب وعضو في جمعية تطوير المواهب ATD

اترك رد