تعد ظاهر الغياب عن العمل (absenteeism) من الظواهر التي تؤرق الكثير من مدراء إدارة الموارد البشرية حيث يبذلون الكثير من الجهد في معالجة أسباب ومبررات العاملين للغياب. إلا انهم يغفلون عن ظاهرة الحضور الشكلي (Presenteeism)
يشير مصطلح الحضور الشكلي (Presenteeism) إلى معنيين، الأول هو ذهاب الموظف إلى العمل بالرغم من شعوره بالمرض والإرهاق أو ضغوظ العمل التي يخشى مقابلاتها أثناء يوم عمله مما يدفعه أحياناً إلى الحضور لساعات عمل إضافية لإنهاء الأعمال المعلقة. والمعنى الثاني هو الحضور لأجل الحضور، أي يحضر الموظف للدوام حتى لا يتم إثبات غيابه في كشف الحضور، ولكن لا يحسن اداءه ولا يتجدد ولا يقدم أي مبادرات تذكر بل على العكس يتجنب الإبتكار أو أداء أي مبادرة تميزه بين أقرانه من الموظفين.
الموظف الحاضر الغائب ، مشكلة حقيقية تعاني منها الشركات كثيراً، فغالباً ما يسهل علينا رصد مشكلة الغياب بين الموظفين من خلال كشوفات الحضور والغياب ، إلا أنه من الصعب رصد الحضورالشكلي للموظفين، حيث يحضر الموظفون فعلياً إلى العمل كل يوم ويمارسون عملهم الروتيني ، ولكنهم في الواقع يحضرون حضوراً جسدياً فقط، فهم غير قادرون على أداء أعمالهم بشكل جيد وأكثر عرضه لإرتكاب الأخطاء بسبب مشاكل جسدية أو نفسية تعيقهم عن العمل، فهم إما تشغلهم مشاكل خاصة أو يساورهم قلق إزاء مشاكل تتعلق بالعمل أو يعزوفون عن المخاطرة بتحمل مسؤوليات عمل أكبر إن هم تميزوا في أداء عمل محدد.
وقد اهتمت الدراسات بتقدير حجم الخسارة في الإنتاج ووجدوا أن الخساره الحاصله من الحضور الشكلي للموظفين أكثر من حصولها من ظاهرة الغياب. فهم حاضرون في العمل لكن لا يعملون بطاقتهم الكامله مما يخفض من الإنتاجية. فعلى الرغم من أن معظم الدراسات تشير إلى أن معدلات الغياب بين الموظفين، تعادل هدر 4 أيام في المتوسط من إنتاجية الموظف الواحد سنوياً ، تشير بعض الدراسات الأخرى إلى أن معدلات الحضور الشكلي بين الموظفين تعادل تقريباً ضياع ما بين 16 و 31 يوماً من إنتاجية الموظف الواحد سنوياً. وهذا يعادل ضياع شهر كامل من العمل !.
والسؤال الذي يضع نفسه هنا ، لماذا يحدث ذلك؟
يفسر ذلك عدة عوامل ذات علاقة بالضغوط النفسية وفي نفس الوقت هي نفس العوامل التي تسبب كثرة غياب العاملين ، ولكن ردود أفعال العاملين تختلف من شخص إلى أخر، فبعضهم يغيب والبعض الأخر يزداد حضوره. ومن أكثر أسباب الحضور الشكلي مايلي:
- المدير المباشر قد يكون من الأسباب الرئيسية في الحضور الشكلي فالعمل تحت إدارة مديرين يعرضون مرؤوسيهم للإرهاق والتوتر، أو لا يستفيدون من مواهبهم على خير وجه، أو يتجاهلونهم كلياً، يؤدي إلى عدم رغبة الموظفين في العمل أو الإجتهاد فيه أو تقديم أي آراء طالما وأنها لن تأخذ بالتقدير اللازم، ويفضلون الحضور فقط لأجل إسقاط الواجب.
- كثرة متطلبات وضغوط العمل و ضيق الوقت من أسباب الحضور الشكلي للعاملين ، يشعر الموظف بأنه تحت ضغط لإنهاء العمل الذي يقوم به والشعور بأن العمل سيتراكم أكوام إذا هو غاب عن العمل.
- – عدم وجود الأمان الوظيفي وعدم توفر وظائف بديله والذي يثير قلق الموظف إن هو قصر في العمل ولم يلتزم بالحضور بالرغم من مرضه ، فهذا قد يسبب له عدد من المشكلات التي قد تفقده عمله، ولذلك نرى أن نسبة حضور العاملين بعقود عمل غير دائمة (non-permanent employees) أكثر من العاملين بعقود دائمة (permanent employees).
- يعتبر الإكتئاب، والمرتبط بشكل متكرر بالضغوط هو واحد من أكثر المشاكل الصحية شيوعاً المرتبط بالحضور الشكلي، إلا انه لا يتم الإشارة إليه وهذا ربما يرجع لأنه لا ينظرون إليه كسبب شرعي يمكن الكشف عنه من أسباب الحضور الشكلي للعمل أو حتى للغياب.
إذاً ما الحل؟
يمكن أن تضع الشركات سياسات معالجة ضد الحضور الشكلي والغياب أيضاً، منها :
- وضع منهجية تصميم أداء العمل من خلال فرق العمل لتجنب حضور الموظف أثناء المرضه أو عند تعرضه لأسباب طارئة، لشعوره بأن هناك فريق يدعمه وينظم سير العمل في حالات غيابه.
- تتخذ بعض الشركات استراتيجيات واضحه لتجنب حدوث ظاهرة الحضور الشكلي من خلال جدولة الأعمال، وتوضيح أدوار العمل ومراجعة مدى صعوبة المهام.
- تقدير مجهودات العاملين مادياً ومعنوياً، وبناء نظام يشجع المبادرات والمقترحات ويدعمها.
- – التعرف على الموظفين بشكل أكبر ومساعدتهم في إيجاد التوازن بين حياتهم الشخصية والوظيفية.
- مراجعة بيئة العمل والتحسين منها ، ومراجعة فلسفة الإدارة والثقافة التي تتبعها ، وتعزيز استراتيجية التفويض للعمل خاصة للمدراء.
في الأخير ، يفترض بالشركة أن تعزز مفهوم دعمها للموظفين وتفهمها لظروفهم وتقديرها للمجهود الذي يبذلونها لتحقيق أهدافها.