هل تعاني بانتظام من الصداع أو الدوار أو غثيان أو إرهاق أو ضعف في التركيز أو طفح جلدي أو تهيج في العيون أو الأنف أو الحلق أو الجلد، الغثيان و السعال أو الحساسية للروائح أو التعب العام والإعياء.
أحذر !
فربما يكون السبب أنك تعاني من متلازمة المباني المريضة (Sick Building Syndrome).
فما هي متلازمة المباني المريضة ؟
ظهرت متلازمة المباني المريضة في السبعينيات من القرن الماضي عند إنتشار استخدام المعدات الكهربائية حيث ظهرت أعرض مشتركة لعدد من العاملين المتواجدين في مبنى واحد وكانت هذه الأعراض تختفي عند مغادرتهم للمبنى، أو تكون اعراض موسمية تتعلق بالجو والحرارة.
وترتبط متلازمة المباني المريضة بالمكاتب ذات المساحات المفتوحة، التي تم فيها استبدال النوافذ بأنظمة تهوية أو إغلاقها واستخدام المكيفات الهوائية صيفاً أو استخدام التدفئة شتاءً مما يؤدي إلى سوء التهوية، حيث أن ضعف نظام التهوية يؤدي إلى تراكم الملوثات المختلفة والذي بدوره يؤدي إلى رداءة نوعية الهواء داخل مكان العمل، ومع تركيز هذه الملوثات وتكرر إستنشاقها بشكل متكرر طوال الفترة التي يقضيها الموظفون داخل المبنى تسبب أعراض المرض .
بالإضافة إلى عدم مراعاة الظروف البيئية التي يعمل فيها الموظفين مثل ضعف الإضاءة وتغيرات درجات الحرارة و الرطوبة والعمل أمام أجهزة الحاسبوب لساعات طويلة لأداء مهام العمل. بالإضافة إلى إفتقار المكان للنظافة وتراكم الغبار والأتربة وعدم المحافظة على نظافة المرافق الصحية مما يؤدي إلى ظهور العفن والحشرات، وهذه أجواء ليست بصحية ولا صالحة لقضاء نصف حياتنا اليومية فيها لأداء العمل.
كما أن هناك ملوثات كيميائية ناتجة عن آلات الطابعة والتصوير، وطلاء الجدران خاصة إذا كان يحتوى على مادة الرصاص، ودخان السجائر ومواد التنضيف والمعطرات الصناعية وغيرها.. كما لا يستثنى من العوامل المسببة لهذه المتلازمة العوامل النفسية التي يمر بها العاملين كزيادة ضغط العمل ، الصراعات بين العاملين وضعف أخلاق العمل مما يسبب بعض الأمراض النفسية مختلفة كالإكتئاب والإحباط واليأس والقلق وجنون العظمة والنرجسية، مما يؤدي إلى غياب الموظفين وإنخفاض كفاءتهم في العمل.
إذا كيف نحافظ على بيئة عمل صحية وتجنب ظهور متلازمة المباني المريضة في مكان العمل؟
كما ذكرنا أن من الأسباب الرئيسية لمتلازمة المباني المريضة هو تصميم أماكن العمل، بالتالي لإدارة الموارد البشرية دور بارز في ذلك ، حيث تؤكد التوجهات العالمية أن مشاركة إدارات الموارد البشرية في النقاش حول تصميم بيئات العمل بات من أولويات عملها، فإدارة الموارد البشرية قادرة على تحديد مختلف المشكلات والتحديات التي يواجهها الموظفين في أماكن العمل وتدرك أهمية أماكن العمل المتميزة وتأثيرها على الإنتاجية والاحتفاظ بالمواهب وصحة ورفاه العاملين، خاصة مع الإهتمام المتزايد بالتنمية المستدامة والبيئة الخضراء.
يمكن الأخذ بالتوصيات التالية، كإجراءات يجب الأخذ بها للحفاظ على بيئة عمل صحية:
- يجب فحص مبنى الشركة بشكل دوري من قبل خبراء مؤهلين، والتأكد من تصميم المكاتب وصيانة أنظمة التهوية والتكيفات، حيث توصي إدارة الصحة والسلامة (HSE) بضرورة قيام الشركات بتقييم مستويات النظافة والصيانة في المكاتب وإجراء مسوحات لتتبع الأعراض المرتبطة بمتلازمة المباني المريضة بإنتظام.
- إستشارة إدارة الموارد البشرية والتي بدورها تجمع أراء الموظفين عند تصميم مكان العمل فلهم دور في تحديد شكل بيئة العمل المحيطة بهم، وعدم اقتصار هذا الدور على المصممين، كما يجب فهم ومراعاة طبيعة الوظائف وعملياتها عند تصميم بيئة العمل، وإعطاء مجموعات العمل المساحات الصحيحة لإنجاز العمل في تشكيلة من بيئات العمل المختلفة. فحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن الأعمال التي تستدعي الجلوس لفترة طويلة أحد أبرز 4 أسباب للوفيات في مختلف أنحاء العالم، مما يؤكد ضرورة إدراج تصميم بيئة العمل ضمن أولويات إدارات الموارد البشرية في مختلف المؤسسات.
- تصميم مكتب العمل يلعب دوراً مهماً في تقوية العلاقات الشخصية بين الموظفين ، فتصميم مساحات تتيح الفرصة للموظفين للتواصل مع بعضهم، وأماكن اجتماعات لمجموعات العمل، أو غرف هادئة للاسترخاء والتفكير، أو أماكن مفتوحة يلتقي فيها الزملاء يزيد من الإنتاجية ويرفع من كفاءة الأداء.
- تركيب المزيد من النوافذ والحرص على التهوية الطبيعية الجيدة والتأكد من دخول أشعة الشمس، وتعزيز إنجاز الموظفون لمهامهم في ضوء النهار.
- استخدام مواد صحية صديقة للبئية، وتحديد جودة أنواع الطلاء، واختيار الألون والديكورات اللطيفة التي قد تؤثر على نفسية الموظفين، فقد ثبت أن التعرض للونين الأزرق والأخضر يحسن أداء المهام التي تتطلب أفكارا جديدة، في حين يحسن اللون الأحمر أداء تلك المهام التي تحتاج إلى الاهتمام بالتفاصيل.
- تعزيز مفهوم البيئة الخضراء، حيث أن استخدام النباتات الطبيعية تعمل كمنقي يحد من الملوثات المنتشرة في أجواء المكاتب، كما أن للنباتات تأثير ايجابي على الصحة النفسية فلقد أثبتت الدراسات فعاليتها في الشعور بالراحة واستعادة الانتعاش بعد أداء المهام المجهدة وفي التخفيف من الإرهاق والتوتر، والتخفيف من تأثير الموجات الكهرومغناطيسية الضارة الصادرة عن الالكترونيات.
- الحفاظ على معايير النظافة العالية مع عدم الإفراط في استخدام المواد والمنظفات والمعطرات الكيماوية.
وفي الأخير، يفضل إن تضع المؤسسات والشركات هذه الأمور في الحسبان عند اختيار وتحديد أماكن العمل منذ البداية حتى توفر على نفسها الكثير من التكاليف الإصلاحات والصيانة أو قد تضطر إلى تغيير مقر الشركة إلى مكان أخر لعدم القدرة على إجراء التعديلات اللازمة.