You are currently viewing الصحة والسلامة المهنية : أسبابها وأنواعها وكيفية تجنب حوادث وإصابات العمل
Photo by Pixabay on Pexels.com

الصحة والسلامة المهنية : أسبابها وأنواعها وكيفية تجنب حوادث وإصابات العمل

تلعب إدارة الموارد البشرية دوراً هاماً في توفير ظروف عمل جيدة ومناسبة للعاملين بما يضمن صحتهم وسلامتهم، وذلك بالتعاون مع الإدارات الأخرى في المنظمة.

وبالتالي، فإن وظيفة الصحة والسلامة المهنية من الوظائف التي تندرج تحت وظائف إدارة الموارد البشرية، فدعونا نستكشف هذه الوظيفة ونعرف تفاصيلها.

ماذا نعني بالصحة والسلامة المهنية؟

يقصد بالصحة والسلامة المهنية جميع الأنشطة والتدابير التي تتخذ لحماية العاملين داخل المنظمة من أي اخطار أو أمراض مهنية قد تصيبهم، ليس ذلك وحسب ولكن حماية جميع المتعاملين معهم، بالإضافة إلى سكان المنطقة التي توجد بها المنظمة، وذلك من خلال وضع برامج أمن وحماية لمنع الحوادث وإصابات العمل.

ويجدر الإشارة أن أخطار وأمراض المهنة لا تشير إلى الأمراض العضوية ولكن الأمراض النفسية أيضاً، وهي كثيرة في بيئة العمل والتي قد تنشأ بسبب ضغوط العمل أو طبيعة الوظيفة التي يشغلها الموظف.

لماذا تهتم إدارة الموارد البشرية بالصحة والسلامة المهنية؟

اسباب الاهتمام بالصحة والسلامة المهنية
أسباب الاهتمام بالصحة والسلامة المهنية

قد يتبادر إلى أذهان البعض إن إدارة الموارد البشرية مسؤولة عن ما يخص الموظفين من توظيف وتدريب وتقييم للأداء، أما صحتهم وأمراضهم والتي قد تكون بسبب إهمال الموظف أو العامل لنفسه وطريقة تنفيذه للمهام ليس من شأنها.

في حقيقة الأمر إن الاهتمام برأس المال البشري والذي هو أهم ما تملكه المنظمة هو من صلب عمل إدارة الموارد البشرية، فكيف لا تهتم بصحته وسلامته.

دعنا هنا نعدد بعض الأسباب التي ألزمت إدارة الموارد البشرية بالاهتمام بالصحة والسلامة المهنية، حيث تندرج هذه الأسباب تحت ثلاث تصنيفات:

أولاً: أسباب أخلاقية

إن الواجب الأخلاقي يحتم على المنظمة الاهتمام بالعاملين وحمايتهم من إصابات العمل والأمراض التي قد يتعرضون إليها تدريجياً بسبب تراكمات أداء العمل عبر الزمن، لا سيما وأن سبب نجاح المنظمة وإنتاجيتها هم العاملين.

ثانياً: أسباب قانونية

تلزم التشريعات والقوانين المنظمة بتوفير كل وسائل الحماية والوقاية للعاملين فيها، حتى لا يتعرض أي منهم للخطر أو الإصابة، كما أن القوانين قد تلزم الشركات بالتأمين الصحي لموظفيها.

خاصة الأعمال التي تتطلب ألبسة خاصة أو أدوات حماية كالقفازات أو حامية الرأس أو الوجه، بالإضافة إلى تسهيل العمل بتوفير أجهزة تساعد العامل على تجنب العمل بيده أو بذل جهد مضاعف.

ثالثاً: أسباب اقتصادية

إن إصابة العاملين تشكل تكلف على المنظمة تظهر في شكل تعويضات مدفوعة للعاملين أو أسرهم عند تعرضه للإصابة أو إعاقة أو ربما لا قدر الله الوفاة، بالإضافة إلى تكاليف الإصلاح أو الاستبدال لما تم إتلافه من أدوات ومعدات أو أجهزة.

وهناك تكاليف أخرى غير مباشرة مثل تكاليف الاختيار والتدريب للعامل الجديد الذي سيحل محل العامل المصاب والوقت الضائع في ذلك.

ما هي أنواع المخاطر والأمراض المهنية؟

أنواع مخاطر وإصابات العمل
أنواع مخاطر وإصابات العمل

 تأتي المخاطر والأمراض المهنية في شكل نوعين:

أولاً: حوادث العمل

حوادث العمل هي كل حادث يتم في العمل ويتسبب في أضرار تؤدي إلى توقف العمل وإصابة العاملين أو إتلاف الآلات والمعدات الموجودة.

وبالتالي الحوادث التي تصيب العاملين يطلق عليها إصابات العمل، مثل الجروح التي يتعرض لها العامل أثناء أداء عمله أو لا قدر الله قد تسبب له عاهات دائمة.

أما الحوادث التي تؤدي إلى تلف الآلات أو المعدات أو الأثاث في المنظمة فتسمى حوادث كالحريق الناتج عن ماس كهربائي أو تسرب مواد مشتعلة.

ثانياً: أمراض المهنة

أمراض المهنة هي الأمراض التي يصاب بها من يعمل في وظيفة معينة ويصاب بمرض سوء كان مرض عضوي أو نفسي، مثل إصابة مجموعة من العمال في محجر لتكسير أحجار البناء بمرض في الجهاز التنفسي نظراً لتلوث الجو في هذه المحاجر.

أو تعرض أحد موظفي البنك بوعكة صحية بسبب الضغط النفسي الذي يعانيه من كثرة مهام العمل التي يقوم بها ودقة التركيز التي تتطلبها الحسابات التي يعدها.

بعد تصنيف أنواع مخاطر العمل تعال لنعرف ما هي أسباب هذه المخاطر.

ما هي أسباب المخاطر المهنية وإصابات العمل؟

يمكن تصنيف أسباب المخاطر المهنية إلى ثلاث أنواع رئيسية، وهي :

أولاً: حوادث ومخاطر خارجة عن التحكم

وهي الحوادث التي تتم بالصدفة حيث لا يتسبب بها أحد وتكون خارج نطاق السيطرة، مثل حدوث كارثة طبيعية (زلزال، فيضان،  وغيرها).

ثانياً: حوادث بسبب بيئة العمل غير الآمنة

من الأسباب الرئيسية لحوادث العمل هي البيئة والظروف التي يتم تأدية العمل فيها مثل عدم اتخاذ إجراءات السلامة المهنية عند أداء العمل وعدم توفير الأدوات والآلات والمواد والملابس الوقائية في موقع العمل.

خذ مثالاً على ذلك، وضع المواد القابلة للاشتعال بقرب مصدر للحرارة، أو ترتيب العدد والأدوات في المخزن بطريقة غير مرتبة مما يجعلها عرضة للسقوط، بالإضافة إلى الإضاءة الخافتة التي قد لا تكون كافية لوضوح الرؤية، ناهيك عن الإزعاج والتلوث التي يجب أن يرتدي العامل فيها ملابس خاصة للعمل تحمي أذنيه ورأسه وجسده من الأذى والتلوث.

يجب مراعاة ترتيب الآلات بشكل جيد في أقسام الإنتاج أو المكاتب بحيث تسمح بحرية الحركة، كما أن التهوية ودرجة الحرارة الجيدة تساعد على تقليل درجة التوتر والتعب أثناء العمل.

من المؤكد أن هناك وظائف وأعمال أكثر خطورة من غيرها، لكن يجب في جميعها مراعاة السلامة وتهيئة بيئة مناسبة للعمل.

ثالثاً: السلوك غير الأمن للعامل

التصرفات غير الآمنة للعاملين
التصرفات غير الآمنة

قد يتصرف بعض العاملين بطريقة غير مهنية في التعامل مع الآلات والمعدات أو قد يرتكب بعض الأخطاء التي قد تلحق الضرر بهم وبزملائهم وبمكان العمل وقد يكون ذلك لعدة أسباب منها:

  • عدم إدراك العاملين بإجراءات الصحة والسلامة المهنية، والتي يجب أن يحصل العاملين على تدريب مناسب لذلك.
  • قد يعاني العامل من بعض المشاكل الصحية من ضعف النظر أو عدم القدرة على تحمل المجهود العضلي لنوعية بعض الوظائف
  •  قلة الخبرة والمهارة اللازمة لطبيعة الوظيفة.
  • الإهمال والاستخفاف باتباع إرشادات الصحة والسلامة.
  • التوتر والقلق بسبب متطلبات العمل، بالإضافة إلى الإجهاد البدني والذهني.

كيف يمكن تجنب حوادث وإصابات العمل؟

أول الخطوات اللازمة لتجنب مخاطر العمل هو معرفة أسبابها سواء كانت حوادث أو أمراض قد يتعرض لها الموظف، ويمكن تناول إجراءات الوقائية من مخاطر العمل من خلال أنواع أسباب المخاطر.

أولاً: تجنب المخاطر الناشئة عن بيئة العمل غير الآمنة

هناك عدة إجراءات يمكن اتباعها لتقليل إصابات وأمراض العمل من خلال التحسين من ظروف  ومكان العمل منها على سبيل المثال:

  • اختيار موقع العمل المناسب لطبيعة الوظيفة والتخطيط لمكان العمل وحركة المناولة بشكل يسمح بسهولة الحركة والتنقل دون الاصطدام بالآلات والمعدات مع توفر وسائل الوقاية والحماية في مكان العمل.
  • صيانة الآلات والمعدات بشكل دورية والكشف عليها في مواعيد مجدولة، والتخطيط لوضعها بشكل مناسب مع وضع لاصقات الإرشادات للاستخدام وتجنب إصابات العمل بجانبها.
  • الاهتمام بوضع علامات التحذير على المولدات الكهربائية، وتغليف الأسلاك الكهربائية بالعوازل.
  • عدم استعمال المواد المحرم استخدامها قانوناً، وعزل المواد الخطرة في الأماكن خاصة.
  • تهيئة بيئة العمل بالظروف المناسبة لأداء العمل، مثل: ضبط درجة الحرارة، وتركيب أجهزة تنقية الهواء، والإضاءة المناسبة، وعزل الآلات التي يصدر عنها صوت واستخدام حواجز عازلة للصوت، وتركيب أجهزة على الآلات لامتصاص الأصوات، والاهتمام بالنظافة وتوفير أجهزة لقياس درجة التلوث، وأجهزة شفط للمخلفات.

ثانياً: مخاطر ناتجة عن سلوكيات العاملين

يمكن تجنب مخاطر العمل الناتجة عن سلوكيات العاملين من خلال اتخاذ إجراءات الوقائية التالية:

  • التأكد من إجراءات الاختيار والتعيين من خلال إجراء الاختبارات الطبية للتأكد من صحة العاملين وخلوهم من الأمراض عن طريق إجراء الكشف الطبي، واختبارات نفسية للتأكد من الاستقرار النفسي والتوازن العاطفي لهم، بالإضافة إلى قياس التناسق العضلي للعامل المطلوبة في بعض الوظائف.
  • عمل توعية دورية لإجراءات السلامة المهنية ومراقبة ومتابعة العاملين للتأكد من الالتزام بها وعمل ملصقات توعوية تتناول موضوع السلامة المهنية.
  • عقد دورات تدريبية في الصحة والسلامة المهنية خاصة للوظائف التي يحمل أدائها جزء كبير من المخاطر  وبالذات للموظفين الجدد.
  • الحصول على الدعم والالتزام من الإدارة العليا فيما يتعلق بالسلامة المهنية لخلق فلسفة وثقافة إيجابية تجاه تجنب المخاطر.
مخاطر ناتجة عن سلوك العامل
Image by Yerson Retamal from Pixabay

كيف يمكن الإعداد لبرنامج الصحة والسلامة المهنية؟

بعد معرفة أهمية الصحة والسلامة المهنية كأحد الوظائف التي يجب أن تهتم بها إدارة الموارد البشرية، فإنه لا بد من إعداد برنامج يهتم بسلامة وصحة العاملين.

إن الإعداد لبرنامج للصحة والسلامة المهنية يستلزم عدة خطوات يجب القيام بها للوصول إلى برنامج سليم يستطيع العاملين الاعتماد عليه، هنا نعرض هذه الخطوات بإيجاز:

أولاً: التحليل والدراسة لأعمال المنظمة

 في البداية يجب تحليل الوظائف والأعمال التي يؤديها العاملون في المنظمة ومعرفة خطوات تنفيذها ومدى احتواء كل خطوات على مخاطر أو احتمالية الإصابة بمرض معين نتيجة تكرار أداء هذه الأعمال، حيث أن الكثير من الحوادث والأمراض تقع بسبب الكيفية المحددة لتنفيذ الأعمال.

ثانياً: تحديد مصادر المخاطر

بعد تحليل الأعمال يحب معرفة مصدر الخطر هل هو بسبب بيئة وظروف العمل أم أن مصدره العاملين أنفسهم.

من أمثلة ذلك المصادر التي تتم بسبب بيئة العمل، عدم تخطيط مكان العمل بشكل يسهل الحركة وترتيب الآلات بشكل مناسب، كذلك درجة الحرارة والتهوية، وعزل المواد المستخدمة والقابلة للاشتعال.

أما المخاطر الناتجة عن العاملين فقد تكون – كما حددنا سابقاً – بسبب سوء اختيار العاملين أو قلة التدريب والمهارة  أو مشاكل صحية ونفسية يعاني منها القائم بالمهمة.

ثالثاً: تحديد أنواع المخاطر

وقد حددنا سابقاً أن المخاطر نوعان إما إصابات العمل المتمثلة في الجروح والحروق والكسور والعاهات، أو أمراض تحدث بشكل بطيء مثل أمراض الجهاز التنفسي والقلب وغيرها.

رابعاً: وضع خطة للحد من مخاطر وإصابات العمل

بعد تحليل الأعمال وحصر المخاطر وأنواعها، يتم وضع خطة للحد من المخاطر وإصابات العمل ويتم ذلك بعدة أساليب منها:

  • الاختيار الجيد لمواقع العمل من حيث المساحة، وتصميمه بشكل صحي يحفظ كل الظروف المساعدة لأداء العمل في ظروف آمنة بعيدة عن المخاطر
  • التخطيط الداخلي للمكاتب والأقسام بشكل يوفر الحماية مثل ترتيب الآلات بحسب تسلسل العمليات الإنتاجية، وحفظ المسافات المناسبة، تخطيط المخازن وترتيبها بطريقة تحفظ عزل المواد عن بعضها وترتيب الأدوات بطريقة منظمة بعيداً عن العشوائية ووضع نظام للمناولة لها بين العاملين.
  • تجهيز مكان العمل بالأجهزة الخاصة بالتهوية وضبط درجة الحرارة والإضاءة.
  • الاهتمام بالصيانة الدورية للآلات والمعدات والأجهزة والفحص السريع عند الشك في وجود خلل.
  • تزويد العاملين بالملابس والعدد والأدوات الواقية أثناء أداء العمل، كخوذة المصانع والنظارات وقفازات العمل والأحذية المخصصة للعمل، ووضع نظام صارم لمراقبة ومتابعة ارتدائها، فالمنظمة لا ترغب في أن يتأذى أحد وتتحمل هي مسؤولية ذلك.
  • تصميم إدارة أو قسم للصحة والسلامة المهنية وتدريب العاملين على وسائل الوقاية والصحة والسلامة المهنية ونشر الوعي المتعلق بالأمن الصناعي لدى العاملين.
  • التحديث والتجديد باستخدام التكنولوجيا الخاصة بأتمتة الأعمال وضبط توقف الآلات أو أنظمة العمل بشكل آلي عند حدوث أي أخطاء أو حوادث.  
  • وضع نظام للنظافة، وعمل دوريات متكررة لتنظيف مكان العمل خاصة المصانع التي تتراكم فيها مخلفات الإنتاج والتي قد تشكل عائق في حركة العاملين.

الخلاصة

إن وظيفة الصحة والسلامة المهنية من الوظائف المهمة في المنظمة بما يضمن صحة وسلامة العاملين، كما يحب معرفة أنواع المخاطر وأسبابها وكيفية وضع نظام للصحة والسلامة والمهنية.

د. سناء عمر عبد الجبار

دكتوراه في إدارة الموارد البشرية، محاضرة ومدربة دولية معتمدة، خبرة أكثر من 15 عامًا في مجال التعلم والتطوير شغوفه بتطوير المواهب وعضو في جمعية تطوير المواهب ATD