في عام 1963 ابتكر إدوارد لورينتز نظرية أثر الفراشة أو ما تعرف بنظرية الفوضى ، وهو مصطلح فيزيائي ويشير إلى أن الفروق الصغيرة في الحالة الأولى لنظام متحرك – ديناميكي قد ينتج عنها في المدى البعيد فروقات كبيرة في تصرفات وسلوكيات هذا النظام .
ولتوضيح هذه النظرية تم وضع تشبية يفيد معناها أن (إذا قامت فراشة واحدة برفرفة جناحيها في الصين فسينتج عن هذه الحركة تغيير ضئيل جدا في حالة الجو، مما يؤدي إلى إنحرف حالة الجو عن المسار الذي كان من المفترض أن يتبعه وقد يتسبب عنه فيضانات وأعاصير ورياح هادرة في أبعد الأماكن في أمريكا أو أوروبا أو أفريقيا بعد فترة زمنية معينة، سنة مثلاً).
والفكرة أن أي عمل بسيط مهما كان حجمه، كلمة أو حركة أو عمل قد يحدث نتائج كبيرة على المدى الطويل قد لا يتوقعها الإنسان، وقد وظف هذا المصطلح المجازي لضرب أمثلة كثيرة في الحياة، فمثلاً حدث في لحظة ما قد يغير حياة شخص باكملها.
في مجالنا الإداري، وفي منظماتنا الغالية التي نعمل فيها ، لما لا نكون نحن هذا الأثر!!
هل فكرت في ذلك من قبل ؟
تخيل مديرا يُحِدث وحده فرقا في شركته، تخيل أن هذا المدير هو أنت، وأنك تبدل أحوال شركتك وتخرج بها من أزمة معينة أو فلسفة إدارية ضارة أو تحل مشكلة عالقة بمجرد فعل أو حركة أو كلمة تصدر عنك، كيف يبدو لك هذا؟
طبعاً بإحداث تغييرات بسيطة ايجابية قد تحدث تغيرات كبيرة جداً لها عوائد رائعة على المستوى المعنوي والمادي والبيئي أيضاً داخل شركتك.
لأروي لك قصة قصير
عملت سهى في شركتها لمدة 30 عاماً، وخلال الخمسة عشر عاماً الأولى من تقلدها تلك الوظيفة، لم تكن سهى تنال التقدير عن عملها إلا نادراً، حتى إنها تلقت مكافأة مرور ٥ سنوات في الخدمة ومكافأة قضاء ١٠ سنوات في الخدمة عن طريق البريد.
أما مكافأة قضاء ١٥عاماً بالخدمة، فقد تلقتْها بعد ٣ سنوات من تاريخ استحقاقها؛ وذلك لأن مديرها لم يكلف نفسه عناء ملء الإستمارة الخاصة بالمكافأة.
هل تتخيل أن تتلقى مكافأة قضاء ١٥ عاماً بالخدمة في العام 18 من خدمتك؟
ولكن مكافأة قضاء ٢٠ عاماً بالخدمة كانت مختلفة، حيث تغير مديرها القديم وعين مدير جديد، قام المدير الجديد بجمع زملائها واستعرض ملفها الشخصي، وعرض أمامهم قائمة سرد فيها كل منصب تولتْه في الشركة خلال 20 عاماً من عمرها قضتها في الشركة، وفي نهاية العرض، شكرها على كل ما قدمتُه للشركة.
تأثرت سهى كثيراً وترقرقت عيناها بالدموع بهذا العرض البسيط، فلم يُعرب أحد من قبل عن تقديره لعملها وثنائه للإنجازات التي قامت بها أمام زملائها.
في نهاية الحفل طلبت سهى أن تتولي مسئولية الإشراف على برنامج التقدير الخاص بالشركة، كي تتمكن من تعديل طريقة تقديم مكافآت الخدمة على نحو يؤثر في الموظفين عاطفياً، ومن ثم تنشأ رابطة عاطفية بين هؤلاء الموظفين وبين الشركة.
بكلمات بسيطة صادقة فقط، استطاع مدير سهى أن يغير شكل تجربتها المهنية، وفي المقابل، استطاعت هي تغيير ثقافة شركة بأكملها.
وبإمكان جميع المديرين أن يتركوا هذا النوع من التأثير … إن أرادوا ذلك.
كن أنت الأثر .. كن أنت التغيير ..