You are currently viewing كيف تعلمت أن التركيز يتفوق على الانضباط؟

كيف تعلمت أن التركيز يتفوق على الانضباط؟

يعتقد الكثيرون أن الانضباط هو العامل الأساسي لتحقيق النجاح، لكن في الواقع، التركيز هو المفتاح الحقيقي. وكما يقال:

“الأحمق المركّز يحقق أكثر من العبقري المشتت.”

الفرق بين التركيز والانضباط

يُعرف الانضباط بأنه القدرة على الالتزام بعادات وروتين يومي، بينما التركيز هو القدرة على توجيه هذا الانضباط نحو الأهداف الصحيحة. يمكن للشخص أن يكون شديد الانضباط في القيام بمهام يومية متعددة، ولكن إذا لم تكن هذه المهام تخدم هدفًا واضحًا، فسيكون التقدم بطيئًا وغير فعال.

الانضباط وحده لا يكفي، التركيز هو العنصر الأهم. فمن خلال التركيز، يستطيع الإنسان تحديد الأولويات، وتخصيص وقته وجهده للمهام الأكثر أهمية.

إن أحد أكبر التحولات في الحياة كان تعلم فن قول “لا”. لأن محاولة موازنة عدة مسؤوليات في آنٍ واحد، من العائلة إلى التدريب والعمل، يؤدي إلى التشتت وعدم تحقيق إنجازات حقيقية في أي مجال. ومن هنا، فإن النجاح الحقيقي لا يأتي من العمل على كل شيء في الوقت نفسه، بل من التركيز على شيء واحد والتميز فيه.

أهمية التركيز في تحقيق التميز

هناك مفهوم يعرف بـ “ديْن الجهل”، والذي يشير إلى نقص المعرفة الذي يمنعنا من التقدم بشكل أسرع. يمكن سد هذا الدين بطريقتين:

  1. الوقت – عبر التعلم الذاتي، واكتساب الخبرة من خلال التجربة والخطأ.
  2. المال – عبر الاستثمار في مدربين أو مرشدين لديهم خبرة سابقة في المجال المطلوب.

وبما أن التميز في أي مجال يستغرق 10 سنوات على الأقل حسب قول الخبراء، فإن الشخص الذي يعرف كيف يرفض المشتتات ويظل مركزًا يمكنه تحقيق نتائج أكبر بكثير من الشخص الذي يحاول تحقيق كل شيء في وقت واحد.

مبادئ لتعزيز التركيز

هناك أربعة مبادئ أساسية لتحسين التركيز:

  1. قول “لا” بشكل افتراضي – عند مواجهة أي فرصة جديدة، اسأل نفسك: “هل هذا يخدم أهدافي طويلة المدى؟” إذا لم يكن كذلك، فالرفض هو القرار الصحيح.
  2. قاعدة الـ 10 سنوات – قبل الالتزام بأي مشروع أو شراكة، فكر فيما إذا كنت مستعدًا للاستمرار فيه لعقد كامل، لأن التميز يتطلب وقتًا طويلًا.
  3. تقييم تكلفة الفرصة البديلة – بعض المهام مثل الطهي أو التنظيف يمكن تفويضها للآخرين، مما يتيح وقتًا أكبر للنمو الشخصي والمهني.
  4. تحليل البيئة المحيطة – البيئة التي نعيش ونعمل فيها تؤثر بشكل كبير على تركيزنا، لذا يجب تعديلها بما يتناسب مع أهدافنا.

التركيز وتكلفة الفرصة البديلة

إن فهم مفهوم تكلفة الفرصة البديلة يساعد في زيادة الإنتاجية. إذا كان بإمكانك تحقيق دخل أعلى من خلال العمل على مهاراتك الأساسية بدلًا من قضاء الوقت في مهام روتينية، فمن الأفضل تفويض هذه المهام للآخرين.

على الرغم من أن البعض قد يستمتع بالقيام بالأعمال المنزلية بأنفسهم، إلا أنه من المهم تقييم ما إذا كان ذلك يتماشى مع أهدافهم طويلة المدى أم لا. فالوقت هو المورد الأكثر قيمة، ويجب استثماره بحكمة.

تبسيط الحياة لتحقيق كفاءة أكبر

“أفضل الأفكار التجارية دائمًا ما تكون بسيطة.”

إن تنظيم الجدول اليومي بطريقة ذكية هو عامل رئيسي في زيادة الإنتاجية. من خلال تقسيم اليوم إلى فترات مخصصة لمهام محددة مثل استهلاك المحتوى، التدريب، وإدارة الأعمال، يمكن تحقيق أقصى قدر من الفعالية دون الشعور بالإرهاق.

يساعد هذا النهج على تقليل الفوضى، ويجعل من السهل تجنب المشتتات، مما يساهم في تحقيق الأهداف بطريقة أكثر وضوحًا وسلاسة.

التأمل في النمو الشخصي والوضوح الذهني

إن تعلم قول “لا” هو مهارة أساسية للنجاح. فإعادة تقييم الأهداف، ومعرفة ما يجب التركيز عليه، هو ما يجعل الشخص قادرًا على تحقيق تقدم حقيقي في حياته الشخصية والمهنية.

الدرس الأهم: التركيز هو المفتاح الحقيقي للنجاح، وهو الذي يجب أن يسبق الانضباط في الأهمية. عندما يكون لديك وضوح في أهدافك، وتحدد أولوياتك بشكل صحيح، ستتمكن من تحقيق إنجازات تفوق بكثير ما يمكن أن تحققه بالانضباط وحده.

د. سناء عمر عبد الجبار

دكتوراه في إدارة الموارد البشرية، محاضرة ومدربة دولية معتمدة، خبرة أكثر من 15 عامًا في مجال التعلم والتطوير شغوفه بتطوير المواهب وعضو في جمعية تطوير المواهب ATD

اترك رد