إن العقد النفسي يختلف كثيراً عن عقد العمل أو العقد القانوني بين الموظف والشركة التي يعمل بها حيث يمكن تعريف العقد النفسي بأننه عقد ضمني بين الموظف والمشركة يحدد ما يتوقع أن يقدمه ويتلقاه كل طرف من الطرف الأخر، فالموظف يتوقع ما سيحصل عليه من الشركة من حيث الراتب والآمان والضمان الوظيفي بالإضافة إلى فرص الترقية والنمو الشخصية، بينما تتوقع الشركة بدورها عدة أمور يقدمها الموظف مثل القدرة على أداء مهام الوظيفة وما يسند إلأيه من أعمال أخرى مماثلة تتطلب قدراً من المعارف والمهارات الفنية وقدرته على حل المشكلات وتطوير العمل وتحسين الأداء وغيرها.
وبالتالي يمكن النظر إلى عقد العمل بأنه علاقة بين أصحاب العمل والموظفين تتضمن المساهمات التبادليها لكل منهما، وعلى عكس عقد العمل، لا يكون العقد النفسي في شكل عقداً رسميًا مكتوب…. وفي النسخة التقليدية من هذا العقد النفسي، توقعت المؤسسات أن يساهم موظفوها بالوقت والجهد والمهارات والقدرات والولاء، في المقابل، ستوفر المنظمات الأمن الوظيفي وفرص الترقية.
إلا أنه مع التطورات الحديثة والتوجهات المعاصرة في دنيا الأعمال، تم استبدال هذا العقد بنوع جديد من العقد النفسي.. فلكي تحافظ الشركات على قدرتها التنافسية يجب عليها تغيير جودة وابتكارات وإبداع وتوقيت مساهمات الموظفين والمهارات اللازمة لتقديم تلك المساهمات.
وقد أدت هذه الحاجة إلى إعادة الهيكلة التنظيمية، وعمليات الدمج والاستحواذ، وتسريح العمال والعمل لساعات أطول للعديد من الموظفين، وتطلب الشركات خدمة عملاء ممتازة ومستويات إنتاجية عالية.
كل هذه التوقعات من قبل الشركات تقابلها توقعات أخرى من الموظفين والذين يسعون إلى الموازنة بين حياة العمل وحياتهم العائلية، و في مقابل الحصول على أفضل أداء وساعات عمل أطول بدون أمان وظيفي، يريد الموظفون من الشركات توفير جداول عمل مرنة وبيئات عمل فعالة ومزيد من التحكم في كيفية إنجاز العمل وفرص التدريب والتطوير والحوافز المالية بناءً على كيفية أداء الشركة.
فقد إزداد وعي وإدراك الموظفون بأن الشركات لا يمكنها توفير الأمن الوظيفي لذا فهم يريدون قابلية التوظيف، بمعنى أنهم يريدون من شركتهم توفير التدريب والخبرة الوظيفية للمساعدة في ضمان إمكانية العثور على فرص عمل أخرى في حالة ما قدر لهم ترك الشركة.
من هنا يظهر تحدي جديد لإدارة الموارد البشرية في إنشاء العقد النفسي الجديد والمتمثل في بناء قوة عاملة منتجة ملتزمة في ظروف اقتصادية مضطربة توفر فرصة للنجاح المالي، حيث تريد الشركات أن تكون قادرة على التغيير بأسرع ما تتغير احتياجات العملاء والظروف الاقتصادية.
وهذا لن يكون في ظل توفر موظفين مستهلكين غير قادرين على مبادلتها هذه التوقعات بتوقعات أخرى تصدر من جهتهم، لذا من وجهة نظر الشركة، فإن مفتاح البقاء في بيئة سريعة التغير هو المرونة، وهي تشمل المرونة في مستويات التوظيف وجداول العمل المرنة.
مستويات التوظيف المرنة
القوة العاملة المرنة هي الموارد البشرية التي تستطيع الشركة إعادة تشكيلها وتغيير حجمها بسرعة لتلبية احتياجاتها المتغيرة، ولتتمكن من القيام بذلك، تقوم الشركات بترتيبات التوظيف المرنة، ترتيبات التوظيف المرنة هي طرق لتوظيف الموظفين بخلاف الموظفين العاملين بدوام كامل.
هناك مجموعة متنوعة من الطرق، فيما يلي الأكثر شيوعًا:
1. المقاولون المستقلون (Independent contractors are self-employed): هم أفراد يعملون لحسابهم الخاص ولديهم عملاء متعددين ، وهم ما يعرفون الأن بالمستقلين (Freelancers).
2. العمال تحت الطلب (On-call workers): هم أشخاص يعملون لحساب الشركة عند الحاجة.
3. العمال المؤقتون العاملون لحساب وكالات مؤقتة (Temporary workers are employed by a temporary agency): يعملون لدى وكلاء بشكل مؤقت، تدفع الشركات العميلة للوكيل مقابل خدمات هؤلاء العمال.
4. يتم التعاقد مع عمال الشركة مباشرة من قبل الشركة لفترة محددة من الوقت في عقد مكتوب.
من وجهة نظر الشركة، يعد ضبط مستويات التوظيف المرنة فعالًا من حيث التكلفة بالنسبة للشركة التي لديها طلب متقلب على منتجاتها وخدماتها، وعندما تقلص الشركة من عملها عن طريق الاستغناء عن الموظفين المؤقتين وغير الدائمين، فلا يمثل ذلك أي ضرر على معنوي العمال الدائمين ويمكن تعديل عدد موظفيها بكل سهولة.
من وجهة نظر الموظف، توفر ترتيبات العمل البديلة بعض المرونة لموازنة أنشطة العمل وحياتهم الخاصة، ويجدون نوع من الحرية في العمل في أكثر من وظيفة في نفس الوقت.