إن النظرة الحديثة في علم الإدارة ترى بأنه علم إجتماعي يقوم على مدى القدرة على إنشاء علاقات اجتماعية صحية في بيئة العمل قادرة على تحقيق الأهداف والاستغلال الأمثل لبقية الموارد ( مالية، معلوماتية، مادية …..) اللازمة لتحقيق أهداف المنظمة، ولذا يعتبر المدير الناجح هو المدير القادر على إدارة الموراد البشرية بغض النظر عن التخصص الوظيفي الذي يشغله (مالي ، تسويق ، إنتاجي ، إداري …).
فالإدارة بالرغم مما تبدو عليه أنها مجموعة من النظم واللوائج والإجراءات والقواعد، إلا أنها تعتمد بشكل أساسي على الإتصالات والتفاعلات والعلاقات بين مجموعة الأفراد المتواجدين في المنظمة والعملاء الذين يتعاملون معها. وبالتالي عدم النجاح في إدارة هذه العلاقات والإتصالات والمتمثلة في إدارة العنصر البشري في المنظمة، لن تفلح أي محاولات للإستفادة من الموارد المادية الآخرى الموجودة في المنظمة.
إن الكفاءة الإنتاجية لا تعتمد فقط على الإستثمار الرأسمالي للإلات والمعدات والتكنولوجيا، وإنما تعتمد بشكل أساسي على مستخدم هذه الآلات والمعدات والتكنولوجيا وغيرها من وسائل الإنتاج المادي، وهو الإنسان.
ومستوى الكفاءة الإنتاجية لها عاملين محددين:
المحتويات
أولاً: العوامل الفنية
والتي تمثل مجموعة العناصر المادية اللازمة لإنتاج المنتج والمتمثلة في رأس المال والمواد الخام والآلات والمعدات ومستوى التكنولوجيا المستخدم وأساليب العمل المنظمة لعملية الإنتاج.
ثانياً: العوامل الإنسانية
تتمثل العوامل الإنسانية في العنصر البشري أي العامل أو الموظف ولكن هناك شروط يجب تحققها في هذا العنصر وهي:
القدرة على العمل
أي أن الموظف قادر على تحقيق الأداء المطلوب بالجودة والمهارة اللازمة لتحقيق كفاءة عالية في الإنتاج، وتتكون القدرة من عنصرين مهمين، هما:
- المعرفة
يقصد بالمعرفة إلمام الموظف بمهامه ومسئوليات وظيفته وأساليب وإجرءات العمل.
- المهارة
المهارة هي القدرة على استخدام الموارد المتاحة لإنجاز المهام المطلوبة، وغالباً ما تكون مرتبطة بمجال التخصص أو المهارات البشرية المرتبطة بالشخصية سواء كانت فطرية أم مكتسبة.
الرغبة في العمل
الرغبة تحدد درجة حماس الموظف وهتمامه باداء مهامه على أكمل وجه ، حباً منه وولاءً لمنظمته. وتتكون الرغبة من عنصرين أيضاً، هما:
- الاتجاهات
اتجاهتنا تحدد اهتمامتنا، بمعنى مدى ميلنا لعمل الأشياء التي نحبها، وهي تُعنى بالجانب العاطفي ، فتؤثر على أداء الموظف بحسب إتجاهه نحو العمل فإن كان إيجابياً، تحسن مستوى أداءه ، والعكس صحيح، إن كان أداءه سلبياً فإنه لا يعطي إلا الحد الأدنى من طاقته في العمل.
- المواقف
تتمثل المواقف في الأحداث والظروف التي يواجهها الموظف في مكان العمل، وبالتالي يتحدد فيها رد فعله بسلوك وتصرف معين، فالمواقف الإيجابية للمنظمة كتحسين ظروف العمل وتقديم حوافز ومكافآت مناسبة وتقديم فرص طموحة وبرامج للتدريب والترقي يترتب عليها رد فعل إيجابي من جانب الموظف، كرد للجميل نحو هذه المواقف الحسنة، والعكس صحيح.
وبالتالي لا يمكن للكفاءة الإنتاجية أن تتحقق دون وجود هذه العوامل ( الفنية والإنسانية) وتفاعلها مع بعضها ، وإن أي تقصير في هذه العوامل ومكوناتها من شأنه إن يحدث خلل في عملية الإنتاج، فوجود عوامل فنية متكاملة وغاية في الحداثة دون وجود عناصر بشرية قادرة وراغبة في العمل ، قد يجعل من العوامل الفنية عديمة النفع. كما وجود العوامل الإنسانية القادرة والراغبة في العمل مع شحة العوامل الفنية قد يجعل من أداء العمل معوقاً أو يستنزف مجهوداً ووقتاً وتكلفة أكثر مما ينبغي.
ولتلخيص كل ما سبق نجد أن الكفاءة الإنتاجية تتحدد من خلال المعادلة التالية:
وهذه المعادلات ليست نظرية، وإنما لها مؤشرات ومعايير محدده لها تشترك فيها عدة إدارات وأقسام تنظيمية داخل المنظمة، فالعوامل الفنية تتحدد بعمليات التشغيل والموازانات التشغيلية وحجم المبيعات والذي بناء عليه يتحدد حجم الإنتاج ومتطلبات العمليات الإنتاجية والتي يتحدد فيها حجم الإنتاج والمواد الخام اللازمة والتكنولوجيا المطلوب توفرها، وإدارة المشتريات والمخازن وأعمال الصيانة تحدد أيضا المقاييس والمعايير اللازمة.
مقابل هذه العوامل الفنية، تحدد العوامل الإنسانية نوعية الموارد البشرية المطلوبة لأداء المهام ، فتهتم إدارة الموارد البشرية في توفير الكفاءات والخبرات البشرية اللازمة للعمل مع ضبط المعايير والمقاييس اللازمة أثناء عملية الإختيار، وعند تقييم الأداء، فيتم تحديد القدرة على العمل لكل موظف من خلال المعرفة والمهارة التي يمتلكها وإعطاءه التدريب اللازمة لإكتساب ما ينقصه منها، كما يتم تحديد الرغبة في العمل من خلال تحديد الإتجاهات الموظفين من خلال قيام المنظمة بإعداد هياكل اجور عادلة ونظام للحوافز والمكافآت حسب الأداء وإعداد برامج متخصصة لزيادة الرضا الوظيفي والسعادة للموظفين في بيئة العمل.
إذن كل ماسبق يعتمد على منظومة متكاملة لإدارة الموارد البشرية بالتعاون مع بقية الإدارة في المنظمة، لذا غالباً ما تربط أهداف إدارة الموارد البشرية بالأهداف الإستراتيجية للمنظمة لما للعنصر البشري من تأثير رئيسي وبارز في نجاح أي منظمة.