في بيئة العمل الحديثة، يسعى القادة والمديرون إلى تحفيز الموظفين لزيادة إنتاجيتهم وتحقيق الأهداف التنظيمية. لكن السؤال الأهم هو: ما الذي يدفع الموظفين لبذل الجهد في العمل؟ ولماذا يختار البعض العمل بجد بينما يكتفي آخرون بالحد الأدنى من الأداء؟
نظرية التوقع لفرووم (Vroom’s Expectancy Theory) تقدم تفسيرًا منطقيًا لكيفية اتخاذ الموظفين قراراتهم بشأن الجهد الذي يبذلونه، وذلك من خلال ثلاث عوامل رئيسية: التوقع، والمكافأة، والقيمة. في هذا المقال، سنتناول هذه العناصر بالتفصيل مع ذكر أمثلة عملية لفهمها بشكل أوضح.
المحتويات
1. التوقع : هل سيؤدي الجهد إلى أداء جيد؟
التوقع يشير إلى اعتقاد الموظف بأن الجهد الذي يبذله سيؤدي إلى أداء جيد. فإذا كان الموظف يعتقد أن بذل المزيد من الجهد سيحسن نتائجه، فمن المرجح أن يعمل بجدية أكبر. لكن إذا شعر أن جهوده لن تؤثر في أدائه، فقد يفقد الحافز للعمل بجد.
مثال عملي:
لنفترض أن هناك موظفًا في قسم المبيعات يُطلب منه تحقيق نسبة مبيعات معينة شهريًا. إذا كان هذا الموظف يعتقد أن التدريب الذي حصل عليه والمهارات التي يمتلكها ستساعده على تحقيق الهدف، فسوف يبذل جهدًا أكبر. أما إذا كان يرى أن نظام الشركة معقد، أو أن العملاء غير مهتمين بالمنتج، فقد لا يبذل الجهد المطلوب لأنه لا يتوقع أن يؤدي ذلك إلى نجاح.
كيف يمكن تحسين التوقع؟
- توفير تدريب فعال يساعد الموظفين على تحسين مهاراتهم.
- منحهم الأدوات والموارد التي تسهل عليهم أداء عملهم.
- التأكد من أن الأهداف واقعية وقابلة للتحقيق.
2. المكافأة: هل سيؤدي الأداء الجيد إلى مكافآت؟
الأداتية تشير إلى مدى اعتقاد الموظف بأن الأداء الجيد سيؤدي إلى مكافأة أو اعتراف بالجهد المبذول. فإذا شعر الموظف أن تحقيقه لأداء عالٍ لن يؤدي إلى أي تقدير أو مكافأة، فقد يفقد حافزه للعمل بجدية.
مثال عملي:
تخيل موظفًا يعمل في شركة تضع نظام حوافز لمكافأة الأداء الجيد. إذا كان يعلم أنه عند تحقيق أهدافه سيحصل على مكافأة مالية أو ترقية، فسوف يعمل بجدية أكبر. لكن إذا كان يرى أن الشركة لا تلتزم بوعدها أو أن الترقيات تعتمد على العلاقات وليس على الأداء، فقد لا يشعر بالحافز للعمل بجد.
كيف يمكن تحسين الأداتية أو المكافأة؟
- الوضوح والشفافية في نظام المكافآت بحيث يعلم الموظفون ما ينتظرهم عند تحقيق الأهداف.
- التأكد من تنفيذ المكافآت بانتظام دون تأخير أو تمييز.
- الربط المباشر بين الأداء والمكافأة، بحيث يشعر الموظف أن جهوده لا تذهب سدى.
3. القيمة: هل المكافأة ذات أهمية؟
القيمة تعبر عن مدى أهمية المكافأة بالنسبة للموظف. فقد تختلف الدوافع بين الأفراد، فبعضهم يفضل المال، بينما آخرون يقدرون التقدير المعنوي أو فرص التطور المهني. إذا لم تكن المكافأة مهمة للموظف، فلن يكون لديه دافع لبذل المزيد من الجهد.
مثال عملي:
تخيل أن شركة تقدم مكافآت على شكل تذاكر سفر للموظفين المتميزين. قد يكون هذا محفزًا للبعض، لكن قد يكون هناك موظفون يفضلون زيادة في الراتب أو ترقية بدلاً من السفر. إذا لم تكن المكافأة تتماشى مع رغبات الموظف، فلن يكون لها تأثير كبير على تحفيزه.
كيف يمكن تحسين القيمة؟
- فهم احتياجات الموظفين من خلال استبيانات أو جلسات تواصل مفتوحة.
- تقديم خيارات متعددة للمكافآت بحيث يختار الموظف ما يناسبه.
- التأكد من أن المكافآت تتناسب مع مستوى الجهد المبذول حتى لا يشعر الموظف بالإحباط.
كيف تطبق الشركات نظرية التوقع لزيادة التحفيز؟
يمكن للشركات تعزيز تحفيز الموظفين من خلال تطبيق هذه النظرية عمليًا، وذلك عبر:
- توضيح العلاقة بين الجهد والأداء من خلال تقديم الدعم والتدريب اللازمين.
- ربط الأداء بالمكافآت بوضوح، حتى يشعر الموظف أن جهوده تؤدي إلى نتائج ملموسة.
- ضمان أن المكافآت تتماشى مع احتياجات الموظفين لجعلها أكثر جاذبية وتحفيزًا.
الخلاصة
تساعد نظرية التوقع لفرووم في تفسير لماذا يعمل بعض الموظفين بجدية بينما لا يبذل آخرون نفس الجهد. يعتمد الأمر على مدى اعتقادهم بأن جهودهم ستؤدي إلى أداء جيد (التوقع)، وأن الأداء الجيد سيجلب مكافآت (الأداتية)، وأن هذه المكافآت ذات قيمة بالنسبة لهم (القيمة).
عندما تفهم الشركات هذه العوامل وتطبقها بفعالية، فإنها ستتمكن من تحفيز موظفيها بشكل أكبر، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية، وتحسين الأداء، وتعزيز رضا الموظفين عن عملهم.