تحدثنا في مقالة سابقة عن إدارة الموارد البشرية الخضراء، حيث ينبغي على إدارة الموارد البشرية أن تبقى متماشية مع الاحتياجات المستدامة للشركات والوظائف الخضراء (green jobs)، وهذا يندرج تحت كل ممارسات إدارة الموارد البشرية، فصبح لدينا التوظيف الأخضر، والتدريب والتطوير الأخضر، وإدارة الأداء الخضراء، والتعويضات الخضراء.
في هذا المقالة نحاول تسليط الضوء على أحد ممارسات إدارة الموارد البشرية الخضراء، وهو التوظيف الأخضر.
فالكثير من الشركات اليوم أصبحت توظف اختصاصيين بيئيين لدعم تطوير الإستراتيجيات البيئية لبناء اقتصاد أخضر، يهدف إلى الحفاظ على الأرض التي نعيش عليها.
أصبحت القوانين البيئية تحصل على اهتمام كبير وعميق واتساع في عدة دول، ومع تحول العالم لقرية صغيرة وتوسع الشركات، وحصول الإندماجات الكبرى بين الشركات العالمية ظهرت الحاجة لأن يكون الموظفين في حالة جاهزية دائمة لمتطلبات الإندماج، والقوانين البيئية الدارجة في دول الإندماج.
وفي مجال التوظيف يمكن للشركة إظهار إلتزامها بالإستدامة والمحافظة على البيئة من خلال اعتماد اسلوب التوظيف الإفتراضي، إذ بإمكان اكمال متطلبات التوظيف من خلال وسائل الاتصال الإلكترونية بما في ذلك المقابلة بما يقلل من الإنتقال والسفر، هذا يؤدي إلى تقليل الإزدحام وإنخفاض استهلاك الطاقة.
ويمكن لممارسة الاستقطاب التي تدعم الإدارة الخضراء أن تتضمن الأبعاد البيئة وضمان أن المستقطبين الجدد لديهم ذكاء بيئي، وفهم لثقافة المنظمة الخضراء والمشاركة بالقيم البيئية، وهذا ما ينبغي لإدارة الموارد البشرية الخضراء أن توضحه وتضمنه في الوصف الوظيفي للوظائف المختلفة.
كما من المفترض أن تنشر الشركة إلتزامها البيئي وتبنيها لأجندة الإستدامة في موقع الشركة وسائل الأعلام ومحركات البحث، وأنها ترسخ ثقافة الإدارة الخضراء فيها بدمج قضايا البيئة الخضراء في عملية التوظيف، وذلك لجذب مرشحي الوظائف الخضراء الذين لديهم المعرفة بمعايير الإدارة البيئة والإقتصاد الأخضر عند التقديم للوظائف المعلنة، وهذا يعزز عملية جذب المواهب الجديدة التي لديها ممارسات خضراء ضمن أعمالها، والذي سيتبنون تلك المفاهيم البيئية، بما يعزز من مساهمات الشركة في المسؤولية الاجتماعية والبيئة.
وليس في عمليات التوظيف فقط، بل حتى في التعاقدات مع الشركات الآخرى، بعض الشركات الكبرى الآن مثل سامسونج (Samsung) تطلب من الموردين أدلة على تبنيها للإدارة البيئة كشرط للتوريد، ولا تتعامل إلا مع الموردين المعتمدين بالتصنيف “شريك بيئي” حتى يتسنى لهم تقييم وإدارة التأثير البيئي الذي قد يحدث في المكونات، والمواد الخام، وعملية التصنيع التي تقوم بها.