يعتبر بث السعادة في مكان العمل من العوامل المعززة لتحقيق نتائج إيجابية مرغوبة في بيئة العمل كزيادة إنتاجية الموظف، ورفع ثقة الموظف بنفسه لشعوره بقيمته الذاتية والشخصية المتكونه من امتلاكه لهدف يعمل على تحقيقه مما يعطي مغزى ومعنى للحياة، وامتلاك توقعات إيجابية، حتى في ظل المشكلات والظروف الصعبة، ومما يساعد على اقتناص الفرص المواتية رغم التهديدات المحيطة بالشركة. وبالتالي نرى هنا أن السعادة حالة ذهنية تؤثر في سلوكنا ومشاعرنا وعواطفنا.
وقد تعددت التفسيرات لمعنى السعادة لكونها مفهوم يمتد ليشمل جوانب حياة الإنسان كافة، ولكن ما نركز عليه هنا هو السعادة في مكان العمل،وهناك طريقتان للنظر إلى السعادة، إحداها هي فكرة أن السعادة تتعلّق بالاستمتاع بتجارب الحياة الممتعة وتجنب غير ذلك.
ووجهة النظر البديلة هي أن السعادة تتعلّق بعيش الحياة بأكملها وبصورة مرضية، بمعنى أن السعادة ليست هدفا في حد ذاتها بل أنها تجسد الحالة التي تقر بأن الحياة يمكن لها أن تكون صعبة في بعض الأحيان، وأن كل يوم يمر هو فرصة للتعلّم والقيام بشيء أفضل وأن الحياة بأكملها هي رحلة يمكننا السيطرة عليها والتي تأخذنا قدما إلى مواضع أكثر إيجابية. والتفسير الأخير هو الأكثر فعالية حول ما تعنيه سعادة الموظف في النظرية والممارسة.
وقد قدم البروفيسور مارتن سليجمان العالم المشهور على نطاق واسع باسم «أبو علم النفس الإيجابي» السعادة من منظور يقترح فيه وجود خمسة عناصر أساسية والتي تتلخص في نموذج « PERMA » .
هذا النموذج يمكن أن يساعد الأفراد على تحقيق الشعور بالسعادة، حيث يقدم إطارًا يمكن استخدامه لتطوير الموظفين، وضمان سعادتهم وفعاليتهم في المؤسسات.
والعناصر الخمسة التي يتألف منها حروف نموذج (PERMA) تشكل اختصاراً للمفاهيم التالية:
المحتويات
المشاعر الإيجابية (P) Positive Emotion
وهي القدرة على التفاؤل التي تساعد الأشخاص على التعامل مع التقلّبات التي تحدث في حياة العمل، فكرة التفاؤل تمكن الموظف من رؤية الأحداث بمنظور إيجابي حتى في الظروف الصعبة . ويتناسب أسلوب القيادة المبني على المشاركة والمشاورة وبث روح العمل الجماعية وفرق العمل على اكتساب صفة التفاؤل ونشرها بين الموظفين، بعكس اسلوب القيادة المسيطرة حيث يحظى الموظفون بفرصة ضئيلة للشعور بالإيجابية ونشرها فيما بينهم.
الإنخراط (E) Engagement
إن الانخراط الكامل فيما نقوم بفعله لا يقتصر تأثيره على إثراء السعادة التي نشعر بها فحسب، ولكنه عامل جوهري كذلك لمساعدتنا على التطور، والتعلّم والوصول لأفضل مستوى يمكننا الوصول إليه.
العلاقات (R) Relations
التواصل مع الآخرين من الصفات البشرية الأساسية في الحياة، ومما لا شك فيه أن وجود العلاقات الداعمة الجيدة تساعد الموظف عند مواجهة التغيرات والصعوبات، لذا يعتبر الاتصال الفعال والعمل الجماعي الفعال وبناء الفريق يمكن أن يقدم مساهمة حيوية في تحقيق السعادة في مكان العمل.
المعنى (M) Meaning
إن وجود هدف ومعنى لحياتك وما تقوم بفعله هو عامل رئيسي في إنجاز أي شيء يراد له أن يكون مرضياً ويمنح شعوراً بالسعادة، وبالتالي بناء رؤية مشتركة في المؤسسة وقيم قوية يلعب دور كبير في تحقيق السعادة في مكان العمل، شريطة أن يتم بناؤها وإيصالها بعناية، بحيث يشعر الجميع بالفخر بمؤسستهم وبدورهم في تحقيق أهدافها الكبرى.
الإنجازات (A) Accomplishments
دائما ما تدعمنا الأهداف والغايات في سبيل تحقيق الأشياء التي تعطينا الشعور بالإنجاز، وبالنسبة لمعظمنا لا تتعلّق تلك الأهداف بالحصول على المال والمقتنيات المادية، فهي تتمحور بشكل كبير حول القيام بفعل الأشياء التي هي جديرة باهتمامنا، والتي تجعلنا نشعر بالفخر وتكسبنا الإحترام.
وأخيراً نرى أن العناصر الأساسية لنموذج (PERMA)، تمثل نقاط أساسية يجب أخذها في الأعتبار لتحقيق السعادة في مكان العمل.