You are currently viewing رحلة الإبداع: من توليد الأفكار إلى اختيار الأفضل

رحلة الإبداع: من توليد الأفكار إلى اختيار الأفضل

لا يكفي أن تكون لديك فكرة جيدة، إنما الأفضل أن تعرف كيف تولد الأفكار بذكاء وتختار الأنسب منها لتحقيق النجاح.

الإبداع لا يأتي فجأة، فهو عملية يمكن تعزيزها باستخدام تقنيات مدروسة. في هذا المقال، سنأخذك في رحلة لاستكشاف تقنيات التباعد لتوليد الأفكار بحرية، ثم تقنيات التقارب لاختيار الأفكار الأكثر قيمة وفعالية.

أولًا: تقنيات التباعد – كيف تولد الأفكار بلا حدود؟

تخيل أنك وفريقك تسعون لإيجاد فكرة جديدة لمنتج مبتكر، أو تبحث عن حلول لمشكلة تواجهها شركتك. هنا تأتي تقنيات التباعد التي تساعدك على توليد أكبر عدد ممكن من الأفكار، دون قيود أو أحكام مسبقة.

1. العصف الذهني (Brainstorming)

يعتبر العصف الذهني الطريقة الأكثر شيوعًا، حيث يجتمع الفريق لطرح الأفكار بحرية، دون نقد أو تحليل فوري. مثلًا، إذا كنت تبحث عن طرق لجذب العملاء لمقهى جديد، يمكنك طرح أفكار بحرية من أعضاء الفريق.

لا توجد فكرة سخيفة في هذه المرحلة، فكلما زادت الأفكار، زادت فرص العثور على فكرة عبقرية.

2. العصف الذهني العكسي (Reverse Brainstorming)

بدلًا من التفكير في الحلول، فكر في كيفية جعل المشكلة أسوأ، ثم اعكس هذه الأفكار. مثلًا، إذا كنت تفكر في كيفية تحسين خدمة العملاء، اسأل: “كيف يمكن أن نجعل تجربة العميل سيئة؟” قد تتوصل إلى أفكار مثل التأخير في الرد، عدم الاهتمام بالشكوى، ثم تعكس هذه الأفكار لتخرج بأفكار للتحسين.

3. العصف الذهني باستخدام الصفات العشوائية (Random Adjective Brainstorming)

أحيانًا، يأتي الإبداع من أماكن غير متوقعة! اختر صفة عشوائية مثل “سريع”، “غامض”، أو “فاخر”، وحاول ربطها بفكرتك. مثلًا، إذا كنت تفكر في إطلاق تطبيق للياقة البدنية، واخترت كلمة “غامض”، فقد تخرج بفكرة تطبيق يعتمد على التحديات السرية أو المكافآت المخفية!

4. التفكير الجانبي (Lateral Thinking)

بدلًا من التفكير التقليدي، حاول أن تجد طرقًا غير متوقعة للحل. مثلًا، شركة LEGO عندما واجهت مشكلة تراجع المبيعات، لم تركز فقط على تحسين الألعاب، بل ابتكرت مجتمع LEGO عبر الإنترنت، مما أدى إلى زيادة التفاعل والمبيعات!

5. التفكير بالقياس (Analogy Thinking)

استلهم الحلول من صناعات أخرى. مثلًا، كيف يمكن لمستشفى تحسين سرعة استقبال المرضى؟ بالنظر إلى صناعة الطيران، يمكنها استخدام تقنيات تسجيل الدخول السريع مثل الموجودة في المطارات!

6. المقارنة المرجعية (Benchmarking)

لا تبدأ من الصفر، بل انظر إلى الممارسات الناجحة في أماكن أخرى. مثلًا، إذا كنت تعمل على تطوير خدمة توصيل طعام، فلماذا لا تدرس كيف تعمل أنظمة التوصيل في أمازون وتكيفها مع مجال عملك؟

7. الجلسات الإبداعية (Jamming)

اجمع فريقًا متنوعًا من مختلف التخصصات في جلسة غير رسمية، حيث يشارك الجميع أفكارهم بدون ضغط، مثل ورشات العمل المفتوحة في جوجل، التي ينتج عنها بعض أعظم الابتكارات.

ثانيًا: تقنيات التقارب – كيف تختار أفضل فكرة؟

بعد توليد العشرات من الأفكار، يأتي التحدي التالي: أي فكرة هي الأفضل؟ هنا تبدأ تقنيات التقارب لمساعدتك في تصفية الأفكار والوصول إلى الخيار الأمثل.

1. خرائط العقل (Mind Mapping)

ارسم خريطة للأفكار الرئيسية والتفرعات المرتبطة بها، مما يساعد على رؤية العلاقات بين الأفكار المختلفة. مثلًا، إذا كنت تفكر في إطلاق مشروع جديد، يمكنك رسم خريطة تتضمن “المنتج”، “التسويق”، “الجمهور المستهدف”، ثم تضيف تفاصيل تحت كل منها لتوضيح الرؤية.

2. قبعات التفكير الست (Six Thinking Hats)

استخدم ستة أنماط تفكير لتقييم الفكرة من زوايا مختلفة:

  • القبعة البيضاء (المنطق)
  • القبعة الحمراء (المشاعر)
  • القبعة السوداء (التحديات)
  • القبعة الصفراء (الإيجابيات)
  • القبعة الخضراء (الإبداع)
  • القبعة الزرقاء (التنظيم)
    تساعد هذه الطريقة في تحليل الأفكار بطريقة شاملة قبل اتخاذ القرار.

3. التسوق للأفكار (Idea Shopping)

تخيل أن الأفكار معروضة في متجر، وكل عضو في الفريق لديه ميزانية محددة من النقاط يمكنه إنفاقها على الأفكار التي يجدها الأكثر قيمة. الفكرة التي تحصل على أعلى النقاط هي الفائزة!

4. رسوم الجدوى (Feasibility Graphs)

قم برسم الأفكار على محورين: مدى تأثيرها مقابل مدى سهولة تنفيذها، مما يساعد في تحديد الأفكار ذات العائد الأعلى مقابل الجهد الأقل.

5. التجميع (Clustering)

إذا كنت تملك عشرات الأفكار، قم بتجميع المتشابهة منها معًا، لتسهيل اختيار الاتجاه الأفضل بناءً على الأنماط التي تظهر.

6. المقارنة المزدوجة (Paired Comparison)

قارن كل فكرتين معًا لمعرفة أيهما أقوى، حتى تصل إلى قائمة مختصرة من الأفكار الأكثر تميزًا.

7. مصفوفات التقييم (Evaluation Matrices)

ضع معايير محددة مثل التكلفة، الوقت، الأثر، الابتكار، ثم قارن كل فكرة بناءً على هذه المعايير. مثلًا، إذا كنت تختار بين فكرتين لتطوير منتج جديد، اسأل: أيهما أقل تكلفة؟ أيهما سيجذب العملاء بشكل أسرع؟ هذه الطريقة تساعد في اتخاذ قرارات موضوعية.

الخلاصة

توليد الأفكار هو الخطوة الأولى، ولكن الفكرة العظيمة وحدها لا تكفي – يجب أن تعرف كيف تختارها بحكمة! من خلال الجمع بين تقنيات التباعد وتقنيات التقارب، يمكنك تحويل الأفكار المبدعة إلى مشروعات ناجحة تغير حياتك أو شركتك.

د. سناء عمر عبد الجبار

دكتوراه في إدارة الموارد البشرية، محاضرة ومدربة دولية معتمدة، خبرة أكثر من 15 عامًا في مجال التعلم والتطوير شغوفه بتطوير المواهب وعضو في جمعية تطوير المواهب ATD

اترك رد